للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوع ذلك منهم، فأجابهم أبوهم إلى ما سألوه وما عليه عوَّلوا قائلًا ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

قال ابن مسعود، وإبراهيم التَّيْميُّ، وعمرو بن قيس، وابن جُرَيْج، وغيرهم: أرجأهم إلى وقت السَّحر (١). قال ابن جرير: حدَّثني أبو السَّائب، حدَّثنا ابنُ إدريس، سمعتُ عبدَ الرحمن بن إسحاق يذكرُ عن مُحارب بن دِثَار، قال: كان عمٌّ لي (٢) يأتي المسجدَ، فسمعَ إنسانًا يقول: اللهم دعوتني فأجبتُ، وأمرتني فأطعتُ، وهذا السَّحرُ فاغفرْ لي. قال: فاستمعَ الصوتَ فإذا هو من دار عبد الله بن مسعود، فسألَ عبدَ الله عن ذلك، فقال: إنَّ يعقوبَ أخَّرَ بنيه إلى السَّحر بقوله ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ (٣).

وقد قال الله تعالى: ﴿وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ﴾ [آل عمران: ١٧].

وثبت في الصحيح عن رسول الله قال: "ينزل ربُّنا كل ليلةٍ إلى سماء الدنيا، فيقول: هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له" (٤).

وقد وردَ في حديثٍ أنَّ يعقوبَ أرجأ بنيه إلى ليلة الجمعة. قال ابن جرير: حدَّثني المثنَّى، حدَّثنا سليمان بن عبد الرحمن أبو أيوب الدمشقي، حدَّثنا الوليد، أنبأنا ابن جُرَيْج، عن عطاء وعكرمة، عن ابن عباس، عن رسول الله : ﴿سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي﴾ يقولُ: "حتى تأتيَ ليلةُ الجمعة، وهو قول أخي يعقوب لبنيه" (٥). وهذا غريب من هذا الوجه. وفي رفعه نظر، والأشبه أن يكون موقوفًا على ابن عباس .

﴿فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (٩٩) وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا وَقَالَ يَاأَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقًّا وَقَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطَانُ بَيْنِي وَبَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (١٠٠) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾ [يوسف: ٩٩ - ١٠١].

هذا إخبارٌ عن حال اجتماع المتحابِّين بعد الفُرْقة الطويلة التي قيل: إنها ثمانون سنة، وقيل: ثلاث


(١) أخرجه ابن جرير في تفسيره (٧/ ٣٠٠).
(٢) كذا في تفسير الطبري (٧/ ٣٠٠) وفي الأصول: عمر، خطأ، ومحارب بن دثار توفي سنة ١١٦ هـ، وروى عن جابر وابن عمر. انظر سير أعلام النبلاء (٥/ ٢١٧) وتهذيب التهذيب (١٠/ ٤٩).
(٣) أخرجه ابن جرير في التفسير (٧/ ٣٠٠).
(٤) أخرجه البخاري (١١٤٥) في التهجد، ومسلم (٧٥٨) في صلاة المسافرين وقصرها.
(٥) أخرجه ابن جرير (٧/ ٣٠٠).