للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: وحدّثني بعض أهل العلم. قال: قيل للحسن: إن الحَجَّاج قال عند الموت كذا وكذا، قال: قالها؟ قالوا: نعم! قال: فما عسى (١).

وقال أبو العباس المرّي: عن الرياشي عن الأصمعي قال: لما حضرت الحجاج الوفاة أنشأ يقول:

يا ربّ قدْ حلفَ الأعداءُ واجتهدوا … بأنني رجل منْ ساكني النّارِ

أيحلفونَ على عمياء ويحهمُ … ما علمهمْ بكثير العفو جَبَّار (٢)

قال فأخبر بذلك الحسن فقال: باللّه إن نجا لينجونّ بهما. وزاد بعض الناس:

إنّ الموالي إذا شابتْ عبيدهم … في رقهم عتقوهمْ عتقَ أبرارِ

وأنتَ يا خالقي أولى بذا كرمًا … قد شبتُ في الرِّق فاعتقني منَ النارِ

وقال ابن أبي الدنيا: حدّثنا أحمد بن عبد الله التّيمي قال: لما مات الحجاج لم يعلم أحد بموته حتى أشرفت جارية فبكت فقالت: ألا إن مطعم الطعام [وميتم الأيتام، ومرمل النساء] ومفلق الهام وسيد أهل الشام قد مات، ثم أنشأت تقول:

اليوم يرحمنا من كان يبغضنا … واليوم يأمننا من كان يخشانا (٣)

وروى عبد الرزاق (٤): عن معمر، عن ابن طاووس، عن أبيه: أنه أخبر بموت الحجاج مرارًا فلما تحقق وفاته قال: ﴿فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الأنعام: ٤٥].

وروى غير واحد أن الحسن لما بشر بموت الحجاج سجد شكرًا للّه ﷿، وكان مختفيًا فظهر (٥).

وقال: اللهم أمته فأذهب عنا سنته.

وقال حماد بن أبي سليمان: لما أخبرتُ إبراهيم النخعي بموت الحجاج بكى من الفرح.

وقال أبو بكر بن أبي خيثمة: حدَّثنا سليمان بن أبي شيخ، حدّثنا صالح بن سليمان قال: قال زياد بن الربيع بن الحارث لأهل السجن: يموت الحجاج في مرضه هذا في ليلة كذا وكذا، فلما كانت الليلة لم ينم أهل السجن فرحًا، جلسوا ينظرون حتى يسمعوا الناعية.

وذلك ليلة سبع وعشرين من شهر رمضان، وقيل كان ذلك لخمس بقين من رمضان، وقيل في شوال


(١) تاريخ دمشق (١٢/ ١٩٤) وفي تاريخ الإسلام (ص ٣٢٦) قريبًا منه.
(٢) في ط: بعظيم العفو غفار. وكذلك في تهذيب تاريخ دمشق (٤/ ٨٥) والخبر مع الأبيات في تاريخ دمشق (١٢/ ١٩٤ - ١٩٥) وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ٣٢٦).
(٣) تاريخ دمشق (١٢/ ١٩٥).
(٤) ومن طريق عبد الرزاق رواه ابن عساكر (١٢/ ١٩٥).
(٥) تاريخ دمشق (٢/ ١٩٦) وتهذيب تاريخ دمشق (٤/ ٨٥) وتاريخ الإسلام (حوادث سنة ٨١ - ١٠٠/ ص ٣٢٦).