للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= وصاحبُ القبرِ يُدَلَّى فيه؛ قال: فذكروا من ظلمةِ القبر وضيقِه. فقال عيسى: قد كنتُمْ فيما هو أضيق من ذلك، في أرحامِ أمهاتِكم، فإذا أحبَّ الله أنْ يُوسِّعَ وسَّع. أو كما قال (المصدر السابق.).
وقال عبد الله بن المبارك: حدّثنا بكَّار بن عبد الله قال: سمعتُ وَهْبَ بن منبِّه يقول: كان رجلٌ عابدٌ من السُّيَّاح أرادَهُ الشيطانُ من قِبَلِ الشهوةِ والرغبةِ والغضَب، فلم يستطعْ منه شيئًا من ذلك، فتمثَّل له حيَّةً وهو يصلِّي، فمضى ولم يلتفتْ إليه، فالتوَى على قدمَيْه، فلم يلتفتْ إليه، فدخلَ ثيابَهُ وأخرجَ رأسَه منِ عندِ رأسه، فلم يلتفتْ ولم يستأخِرْ، فلما أراد أنْ يسجُد التوَى في موضعِ سجودِه، فلمّا وضع رأسه ليسجُدَ فتح فاهُ لِيلتقمَ رأسَه، فوضع رأسه، فجعل يعرِكُه حتى استمكن من السجود على الأرض، ثم جاءَهُ على صورةِ رجلٍ فقال له: أنا صاحبُكَ الذي أخوِّفُك، أتيتك من قِبَلِ الشهوةِ والغضَبِ والرغبة، وأنا الذي كنتُ أتمثلُ لك بالسباعِ والحِيَّات فلم أستطعْ منك شيئًا، وقد بدَا لي أن أصادقَك، ولا آتيكَ في صلاتك بعدَ اليوم. فقال له العابد: لا يومَ خوَّفتني خفتُك، ولا اليومَ بي حاجةٌ في مصادقتِك. قال: سَلْني عمَّا شئت أخبِرْك. قال: فما عسيتَ أنْ أسألك؟ قال: ألا تسالُني عن مالِكَ ما فُعلِ به بعدَك؟ قال: لو أردتُ ذلك ما فارقتُه. قال: أفلا تسألُني عن أهلِكَ مَنْ ماتَ منهم ومَنْ بَقِي؟ قال: أنا مت قبلهم. قال أفلا تسألُني عمَّا أُضِل به الناس؟ قال. أنتَ أضَلُّهم؛ فأخبِرْني عن أوثقِ ما في نفسِك تُضل به بني آدم؟ قال: ثلاثةُ أخلاق: الشُّحّ، والحِدَّة، والسُّكْر؛ فإنَّ الرجلَ إذا كان شحيحًا قلَّلْنا مالَهُ في عِينه، ورغبْناه في أموال الناس؛ وإذا كان حَديدًا تداولناه بيننا كما يتداوَلُ الصبيانُ الكُرَة؛ ولو كان يُحيي الموتى بدعوته لم نيأسْ منه، وكلُّ ما يبنيهِ تَهْدِمُه لنا كلمةٌ واحدة؛ وإذا سَكِرَ قُدْناهُ إلى كلِّ شرٍّ وفضيحة، وخِزْيٍ وهوَان، كما تُقادُ القِطَّةُ إذا أُخذ بأذُنِها كيف شئنا (أخرجه ابن المبارك في الزهد ص (٥١٨، ٥١٩)؛ أبو نعيم في الحلية (٤/ ٥٢، ٥٣).).
وقال وهب: أصاب أيوبَ البلاءُ سبعَ سنين، وتُرك يوسفُ في السجن سبعَ سنين، ومسخ بختنصر في السباع سبع سنين (كذا في (ق)، وفي الحلية (٤/ ٥٣): "وعذب بختنصر وحول في السباع سبع سنين".).
وسئل وهبٌ عن الدنانيرِ والدراهم فقال: هي خواتيمُ ربِّ العالمين في الأرضِ لِمَعايشِ بني آدم، لا تُؤكل ولا تُشرب، فأينما ذهبتَ بخاتمِ رب الَعالمين قُضيَتْ حاجتُك. وهي أزِمَّةُ المنافقين، بها يقادون إلى الشهوات (المصدر السابق.).
وروى داود بن عمر الضبي، عن ابن المبارك، عن معمر، عن سِمَاك بن الفَضْل (في (ق): "سماك بن المفضل، تصحيف، والمثبت من الحلية، وترجمته في التاريخ الكبير (٤/ ١٧٤)، وسير أعلام النبلاء (٥/ ٢٤٩).)، عن وهب، قال: مَثَلُ الذي يدعو بغيرِ عمَل، مثل الذي يرمي بغيرِ وَتَرٍ.
وقال ابن المبارك (في كتابه الزهد ص (٧٢، ٧٣).): أخبرني عمر بن عبد الرحمن بن مهرب (وقع في الحلية: "عمر بن عبد الرحمن بن مهدي "وهو تصحيف، وهو على الصواب في الزهد، وترجمته في التاريخ الكبير (٦/ ١٧٣)، والجرح والتعديل (٦/ ١٢١)، ومشاهير علماء الأمصار ص (١٩٢).) قال: سمعتُ وهبًا يقول: قال حكيمٌ من الحكماء: إني لأستحي من الله ﷿ أن أعبُدَهُ رجاءَ ثوابِ الجنةِ فقط، فأكون كالأجير السَّوْء، إنْ أُعْطي عَمِل، وإنْ لم يعطَ لم يعمل؛ وإني لأستحي من الله أن أعبدَهُ مخافةَ النار فقط، فأكونُ كالعبد السَّوْء، إنْ رَهِبَ عَمِل، وإنْ تُرك لم يعملْ؛ وإني لَيستخرِج مني حُبُّ الله ما لا يستخرج مني غيرُه (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٥٣/ ٤، ٥٤).).
وقال السُّريُّ بن يحيى: كتب وَهْبٌ إلى مكحول: إنك قد أصبتَ بما ظهر من علم الإسلام عند الناس محبةٌ وقال =

<<  <  ج: ص:  >  >>