وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حدّثنا محمد بن أيوب، حدّثنا أبو بكر بن عياش، عن إدريس بن وَهْب بن مُنبِّه، قال: حدّثني أبي قال: كان لسليمانَ بنِ داود ألفُ بيت، أعلاهُ قوارير، وأسفله حديد، فركبَ الرِّيح يومًا، فمرَّ بحرَّاث، فنظر إليه الحراث فاستعظم ما أوتي سليمانُ من الملْكِ! فقال: لقد أوتي آل داود ملكًا عظيمًا، فحملتِ الريحُ كلام الحرَّاث، فألقته في أُذنِ سليمان، قال: فأمر الريحَ فوقفَتْ؛ ثم نزل يمشي حتى أتى الحرَّاث، فقال له: إني قد سمعتُ قولك، وإنما مشَيْتُ إليك لئلا تتمنَّى ما لا تقدِرُ عليه مما أقدَرَني اللهُ عليه تفضُلًا وإحسانًا منه عليّ، لأنه هو الذي أقامني لهذا وأعانني. ثم قال: والله لتَسْبيحة واحدةٌ يَقْبَلُها الله ﷿ منكَ أو منْ مؤمنٍ خيرٌ ممَّا أُوتيَ آلُ داودَ من الملك، لأنَّ ما أوتِيَ آلُ داودَ من مُلكِ الدنيا يَفْنَى، والتسبيحةُ تَبْقى؛ وما يَبْقى خيرٌ مما يَفْنَى. فقال الحرَّاث: أذهبَ الله همَّكَ كما أذهبتَ همِّي (المصدر السابق.). وقال الإمام أحمد: حدّثنا إبراهيم بن عَقيل بن مَعْقِل، حدّثني أبي، عن وهب بن منبِّه، قال: إنَّ الله ﷿ أعطى موسى ﵇ نورًا، فقال له هارون: هَبْهُ لي يا أخي. فوهبَهُ له. فأعطاهُ هارونُ ابنَيْه، وكان في بيت المقدس آنية تُعظِّمُها الأنبياءُ والملوك، فكان ابنا هارونَ يسقيان في تلك الآنية الخمر، فنزلَتْ نارٌ من السماء فاختطفَتِ ابنَيْ هارون، فصَعِدَتْ بهما، ففَزِعَ هارونُ لذلك، فقام مستغيثًا متوجِّهًا بوجهِه إلى السماء بالدعاءِ والتضرُّع، فأوحى الله إليه: يا هارون، هكذا أفعل بمَنْ عصاني من أهلِ طاعتي، فكيف فعلي بمَنْ عصاني من أهلِ معصيتي (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٥٩).)؟. وقال الحكمُ بن أبان: نزلَ بي ضيفٌ من أهلِ صنعاء فقال: سمعتُ وَهْبَ بن منبِّه يقول: إن لله ﷿ في السماء السابعة دارًا يُقال لها البيضاء، يَجْمعُ فيها أرواحَ المؤمنين، فإذا ماتَ الميتُ من أهلِ الدنيا تَلَقَتهُ الأرواح، فيسألونه عن أخبار الدنيا كما يسألُ الغالْبَ أهلهُ إذا قَدِم عليهم (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٦٠).). وقال: من جعل شهوتَهُ تحتَ قدمِه فَزِعَ الشيطانُ من ظِلِّه؛ ومَنْ غلب علمُهُ هواه فذلك العالِم الغلَّاب (المصدر السابق.). وقال فُضيل بن عِيَاض: [قال وهب بن منبِّه]: أوحى الله تعالى إلى بعضِ أنبيائه: بعيني ما يتحمَّلُ المتحملون من أجلي، وما يكابدون في طلبِ مرضاتي؛ فكيف بهم إذا صاروا إلى داري؟ وتَبَحْبَحُوا في رياضِ نعمتي! هنالك فَلْيُبَشَّرِ المضعِفُون لله أعمالَهم بالنَّظرِ العَجيب من الحبيبِ القريب؛ أتُراني أنسَى لهم عملًا، وكيف وأنا ذو الفَضْلِ العظيم؟! أجودُ على المُوَلِّينَ الْمُعْرضينَ عني، فكيف بالمُقْبلينَ عليّ؟ وما غضِبتُ على شيءٍ كغضَبي على مَنْ أخطأ خطيئةً فاستعظمَها في جَنْبِ عَفْوي، ولو تعاجَلْتُ بالعقوبة أحدًا أو كانتِ العجلةُ من شأني لعاجلتُ القانِطينَ من رحمتي؛ ولو رآني عبادي المؤمنين كيف أستوهبُهم ممن اعتدَوا عليه، ثم أحكمُ لِمَنْ وهبَهم بالخُلد المقيم، [لَمَا] اتهموا فَضْلي وكرمي! أنا الديَّانُ الذي لا تحلُّ معصيتي، والذي أطاعني أطاعني برحمتي، ولا حاجة لي بهوانِ منْ خاف مقامي؛ ولو رآني عبادي يومَ القيامةِ كيف أرفعُ قصورًا تحارُ فيها الأبصار، فيسألوني لِمَنْ ذا؟ فأقول: لِمَنْ وَهَبَ لي ذنبًا ما لم يُوجبْ على نفسِه معصيتي والقنوطَ من رحمتي، وإني مكافئٌ على المدح فامدحوني (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٦٠، ٦١)، وبرواية أخرى في (١٠/ ٨١).). وقال سلمة بن شبيب: حدّثنا سلمة بن عاصم، حدّثنا عبد الله بن محمد بن عقبة، حدّثنا عبد الرحمن أبو طالوت، حدّثني مهاجر الأسدي، عن وَهْب، قال: مرَّ عيسى بنُ مريم ومعه الحواريُّون بقريةٍ قد مات أهلُها، =