للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= إنسُها وجنُّها وهوامُّها وأنعامُها وطيورُها، فقام عليها ينظرُ إليها ساعةً، ثم أقبلَ على أصحابه فقال: إنما ماتَ هؤلاءِ بعذابٍ من عندِ الله، ولولا ذلك لماتوا متفرِّقين. ثم ناداهم عيسى: يا أهلَ القرية؛ فأجَابه مُجيب: لبيكَ يا روحَ الله. فقال: ما كانتْ جنايَتُكم وسبَبُ هلاكِكُمْ؟ قال: عبادةُ الطاغوت، وحبُّ الدنيا. قال: وما كانتْ عبادتُكم للطاغوت؟ قال: طاعة أهل المعاصي هي عبادة الطاغوت. قال: وما كان حُبُّكم للدنيا؟ قال: كحبِّ الصبيِّ لأمِّه، كنا إذا أقبلتْ فرِحْنا، وإذا أدبرتْ حَزِنَّا معَ أملٍ بعيد، وإدبارٍ عن طاعةِ الله، وإقبالٍ على مَسَاخِطِه. قال: فكيف كان هلاكُكُمْ؟ قال: بِتْنا ليلةً في عافية، وأصبحنا في هاوية. قال: وما الهاوية؟ قال: سِجِّين. قال: وما السِّجِّين؟ قال: جَمْرةٌ من نارٍ مثلُ أطباقِ الدنيا كُلِّها، دُفِنَتْ أرواحُنا فيها. قال: فما بالُ أصحابك لا يتكلَّمون؟ قال: لا يستطيعونَ أن يتكلموا. قال: وكيف ذلك؟ قال: هم مُلْجَمون بلُجُمٍ من نار. قالَ: وكيف كلَّمْتَني أنتَ من بينهم؟ قال: كنتُ فيهم لَمّا أصابهم العذاب، ولم أكنْ منهم ولا على أعمالِهم، فلمَّا جاء البلاءُ عَمَّني معهم وأنا مُعلَّقٌ بشعرةٍ في الهاوية، لا أدري أكردَسُ فيها أم أنجو؟ فقال: عيسى عند ذلك لأصحابه: بحق أقولُ لكم، لخُبزُ الشعير، [و] شُربُ الماءِ القَرَاح، والنومُ على المزابل، كثيرٌ على عافيةِ الدنيا والآخرة (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٦١، ٦٢).).
وروى الطبراني عنه، أنه قال: لا يكونُ المرءُ حكيمًا حتى يطيعَ اللّهَ ﷿، وما عصى اللهَ حكيمٌ، ولا يَعصي الله إلَّا أحمق، وكما لا يكمُلُ النهارُ إلا بالشمس، ولا يعرفُ الليلُ إلا كذلك لا تكملُ الحكمة إلا بطاعة الله ﷿، ولا يعصي الله حكيم، كما لا يطيرُ الطيرُ إلا بجناحَيْن، ولا يستطيعُ منْ لا جناحَ له أنْ يطير، كذلك لا يطيعُ الله منْ لا يعملُ له، ولا يُطيق عملَ اللهِ منْ لا يُطيعه، وكما لا مُكْثَ للنار في الماء حتى تُطفأ، كذلك لا مُكثَ لعمَلِ الرِّياء حتى يبور، وكما يُبدي سرَّ الزانيةِ وفضيحتَها فعلُها، كذلك يُفتضَحُ بالفعلِ السَّئِ منْ كان يُقِرُّ لِجليسِه بالقولِ الحسن ولم يعملْ به (في الحلية: "يغر الجليس بالقول الحسن إذا قال ما لا يفعل".)، وكما تكذبُ معذرةُ السارقِ بالسرقةِ إذا ظهرَ عليها عندَه، كذلك تكذِبُ معصيةُ القارئِ لله قراءتُه إذا كان يقرؤها لغيرِ الله تعالى (أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٦٢).).
وقال الطبراني: حدّثنا محمد بن النضر، حدّثنا علي بن بحر بن بَري، حدّثنا إسماعيل بن عبد الكريم، حدّثنا عبدُ الصمد بن مَعْقِل، قال: سمعتُ وَهْبًا يقولُ في مزاميرِ آلِ داود: طُوبَى لِمنْ يسلك سبيلَ الحطَّابين، ولا يجالس البطَّالين، وطوبى لِمَنْ يسلُكُ طريقَ الأئمة، ويستقيمُ على عبادةِ ربِّه؛ فمثَله كمثَلِ شجرةٍ نابتةٍ على ساقيةٍ لا تزالُ فيها الحياة، ولا تزالُ خضراء (المصدر السابق.).
وروى الطبراني أيضًا عنه، قال: إذا قامتِ الساعةُ صرَخَتِ الحجارةُ صُراخَ النساء، وقطَرَتِ العِضَاهُ دَمًا (العِضاه: كلُّ شجرٍ له شوك، مثل الطَّلْح والسَّلم والسَّمُر والسِّدر، والخبر أخرجه أبو نعيم في الحلية (٤/ ٦٣).).
ورُوي عنه أنه قال: ما من شيءٍ إلا يَبدو صغيرًا ثم يكبَر إلّا المصيبة، فإنها تبدو كَبيرةً ثم تصغُر (المصدر السابق.).
ورُوي عنه أيضًا أنه قال: وقف سائلٌ على بابِ داودَ فقال: يا أهلَ بيتِ النبوَّة، تصدَّقوا علينا بشيءٍ رزَقَكمُ الله رِزْقَ التاجرِ المقيم في أهله. فقال داود: أعْطُوه، فو الذي نفسي بيدِه، إنَّها لفي الزَّبُور (المصدر السابق.).=

<<  <  ج: ص:  >  >>