وقال سفيان: كان الزُّهري يقول: حدّثني فلان وكان من أوعيةِ العِلم. ولا يقول: كان عالمًا. وقال مالك: أولُ مَنْ دَوَّنَ العِلم ابنُ شهاب. وقال أبو المَلِيح: كان هشامٌ هو الذي أكرَهَ الزهريّ على كتابةِ الحديث، فكان الناسُ يكتبونَ بعد ذلك. وقال رشيد بن سعد (كذا في (ق)، ولعل الصواب فيه: "رشدين بن سعد".): قال الزهري: العلمُ خزائن، وتفتحُها المسائل. وقال الزهري: كان يُصطادُ العلمُ بالمسألة كما يُصادُ الوحش. وكان ابنُ شهاب يَنْزلُ بالأعراب يُعلِّمُهم لئلا يَنسَى العلم. وقال: إنما يُذهبُ العلمَ النسيانُ وتَرْكُ المذاكرة. وقال: إنَّ هذا العلم إنْ أخذتَهُ بالمُكابرَةَ غلَبَكَ ولم تظفَرْ منه بشيء، ولكنْ خُذْهُ مع الأيامِ والليالي أخذًا رَفيقًا تظفرْ به. وقال: ما أحدَث الناسُ مروءةً أعجبَ إليَّ من الفصاحة. وقال: العلمُ ذكَرٌ، لا يُحبُّهُ إلَّا الذكورُ من الرجال، ويكرَهُهُ مؤنَّثُوهم. ومرَّ الزُّهريُّ على أبي حازمٍ وهو يقول: قال رسولُ اللّه ﷺ، فقال: ما لي أرى أحاديثَ ليس لها خُطُمٌ ولا أزِمَّة؟. وقال: ما عُبِدَ اللهُ بشيءٍ أفضلَ من العلم. وقال ابن مسلم أبي عاصم (كذا في (ق)، والخبر في حلية الأولياء (٣/ ٣٦٥، ٣٦٦)، وفيه: عبد اللّه بن محمد بن جعفر عن أبي عاصم.): حَدَّثَنَا دُحَيم، حَدَّثَنَا الوليد بن مسلم، عن القاسم بن هِزَّان، أنَّه سمع الزُّهْري يقول: لا يوثقُ الناسُ بعلمِ عالمِ لا يعمل به، ولا يؤمن بقولِ عالمٍ لا يرضى. وقال ضمرة عن يونس، عن الزهري، قال: إياك وغلولَ الكُتب. قلت: وما غلولُها؛ قال: حَبْسُها عن أهْلِها. وروى الشافعيُّ عن الزهري قال: حضور المجلِسِ بلا نُسخةٍ ذُلّ. وروى الأصمعي عن مالك بن أنس، عن ابن شهاب قال: جلستُ إلى ثعلبةَ بنِ أبي مَعين، فقال: أراكَ تُحبُّ العلم. قلتُ: نعم. قال: فعليك بذاك الشيخ. يَعني سعيدَ بن المُسيِّب. قال: فلزِمْتُ سعيدًا سبعَ سنين، ثم تحوَّلْتُ عنه إلى عروة، ففجَّرتُ ثَبَجَ بحرِه. وقال الليث: قال ابنُ شهاب: ما صبرَ أحدٌ على عليم صَبْري، وما نشرهُ أحدٌ قطُّ نشري. فأمَّا عروةُ بن الزُّبير فبئرٌ لا تُكدِّرُهُ الدِّلاء، وأمَّا ابنُ المسيِّب فانتصب للناس، فذهب اسمُه كلَّ مذهب. وقال مكي بن عبدان: حَدَّثَنَا محمد بن عبد العزيز بن عبد اللّه الأوسي، حدثنا مالك بن أنس أنَّ ابنَ شهاب سأله بعضُ بني أمية عن سعيد بن المسيِّب، فذكر علمَهُ بخير، وأخبرَهُ بحالِه؛ فبلغ ذلك سعيدًا، فلما قدم ابنُ شهاب المدينةَ جاء فسلَّم على سعيد، فلم يردَّ عليه ولم يكلِّمْه، فلما انصرف سعيد مَشَى الزهريُّ معه، فقال: ما لي سلَّمْتُ عليك فلم تكلِّمْني؟ ماذا بلغك عني؟ وما قُلتُ إلَّا خيرًا. قال له: ذكرتَني لبني مروان. قال أبو حاتم: حَدَّثَنَا مكي بن عبدان، حَدَّثَنَا محمد بن يحيى، حدّثني عطَّاف بن خالد المخزومي، عن عبد الأعلى بن عبد اللّه بن أبي فروة، عن ابن سْهاب قال: أصاب أهلَ المدينةِ حاجةٌ زمانَ فتنةِ عبدِ الملك بنِ =