للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وممنْ تُوفِّي في خِلافةِ هشام بن عبد الملك كما أوردَهُ ابنُ عساكر:

بلال بن سعد (١) بن تميم السَّكوني أبو عمرو، ويقال: أبو زُرْعة، إمامُ جامع دمشق أيامَ هشام، وقاصُّ أهلِ الشام؛ وكان من الزُّهاد الكِبَار، والعُبَّاد الصُّوَّام القُوَّام.

روَى عن أبيه، وكان أبوهُ له صُحْبَة، وعن جابر، وابنِ عمر، وأبي الدرداء، وغيرهم. وعنه جماعةٌ، منهم أبو عمرو الأوزاعي، وكان الأوزاعي يكتبُ عنه ما يَقُولُه من الفوائدِ العظيمةِ من قَصَصِهِ ووَعْظِه، وقال: ما رأيتُ واعِظًا قَطُّ مِثلَه.

وقال أيضًا: ما بلَغَني عن أحدٍ من العبادةِ ما بلَغَني عنه، كان يُصلِّي في اليومِ والليلةِ ألفَ رَكْعَة، قال غيره - وهو الأصمعي -: كان إذا نَعَسَ في ليلِ الشتاء ألقَى نفسَهُ في ثِيابِه في البِرْكة، فعاتَبَهُ بعضُ أصحابِه في ذلك فقال: إنَّ ماء البِرْكةِ أهوَنُ من صَديدِ جهنم.

وقال الوليدُ بن مسلم: كان إذا كبَّرَ في المِحراب سمعوا تكبيرَهُ من الأوْزاع، قلت: وهي خارج بابِ الفرادِيس، بِمَحلَّةِ سوق قُميلة اليوم، قال: وكنّا نتبيّنُ قراءتَهُ من عقَبَة الشيخ عند دار الضيافة (٢). يعني من عند دار الذهب داخل باب الفراديس.

وقال أحمد بن عبد اللّه العِجْلي - وهو شامي - تابعيٌّ ثِقَة.

وقال أبو زرعة الدمشقي: كان أحدَ العلماء، وكان قاصًّا، حسَنَ القَصَص، وقد اتَّهمَهُ رجاءُ بن


= وقال سفيان: سئل الزُّهريُّ عن الزاهد، فقال: منْ لم يمنَعِ الحلالُ شُكْرَه، ولم يغلبِ الحرامُ صبرَه.
وقال سفيان: قالوا للزهري: لو أنك الآن في آخرِ عُمرك أقمتَ بالمدينة فغدَوْتَ (في (ق):! فقعدت … ودرجت"، والمثبت من الحلية (٣/ ٣٧١).) إلى مسجدِ رسولِ الله ، ورُحْتَ وجلسنا إلى عمودٍ من أعمدتِه، فذكَّرت الناسَ وعلَّمتَهم. فقال: لو أني فعلتُ ذلك لوُطِّئَ عَقِبي، ولا ينبغي لي أنْ أفعلَ ذلك حتى أزهدَ في الدُّنيا، وأرغبَ فِي الآخرة.
وكان الزهري يحدِّثُ أنه هلك في جبال بيتِ المقدِس بضعةٌ وعشرون نبتًا ماتوا من الجُوع والعمل، كانوا لا يأكلونَ إلَّا ما عرفوا، ولا يَلْبسُونَ إلَّا ما عَرفوا. وكان يقول: العِبَادة هي الوَرَعُ والزُّهْد، والعِلْمُ هو الحسَنَةُ، والصَّبْرُ هو احتمالُ المكارِه، والدعوةُ إلى الله على العمل الصالح].
(١) ترجمته في طبقات ابن سعد (٧/ ٤٦١)، التاريخ الكبير (٢/ ١٠٨)، الكنى لمسلم ص (١٥١)، الجرح والتعديل (٢/ ٣٩٨)، الثقات لابن حبان (٤/ ٦٦)، الحلية (٥/ ٢٢١)، تاريخ ابن عساكر (١٠/ ٣٥٤)، صفة الصفوة (٤/ ٢١٧)، المختار من مناقب الأخيار لابن الأثير (١/ ٤٨١)، مختصر تاريخ ابن عساكر (٥/ ٢٦٨)، تهذيب الكمال (٤/ ٢٩١)، سير أعلام النبلاء (٥/ ٩٠)، تاريخ الإسلام (٤/ ٢٣٤)، الوافي (١٠/ ٢٧٧)، تهذيب التهذيب (١/ ٥٠٣)، الكواكب الدرية (١/ ٩١).
(٢) كذا في الأصول (ب، ح، ق) وتاريخ دمشق، وفي سير أعلام النبلاء (٥/ ٩٢): "دار الصيارفة".

<<  <  ج: ص:  >  >>