للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كلُّكمْ يمشي رُوَيْدْ … كُلُّكُم يَطْلُبُ صَيْدْ

غيرَ عَمْرِو بنِ عُبَيْد

ويقال: إنَّ عمرو بن عبيد أنشد المنصورَ قصيدة في موعظتِهِ إياه وهي قوله:

يا أيهذا الذي قد غَرَّهُ الأمَلُ … ودُونَ ما يأمُلُ التنغيصُ والأجَلُ

ألا تَرَى أنَّما الدنيا وزينتها … كمَنْزِلِ الرَّكْبِ حَلُّوا ثُمَّتَ ارتحلوا

حُتُوفُها رَصَدٌ وعَيشُها نَكَدٌ … وصَفوُهُا كَدَرٌ ومُلْكُها دُوَلُ

تظَلُّ تُفْزِعُ بالرَّوْعاتِ ساكنَها … فما يَسُوغُ له لِينٌ ولا جَدَلُ

كأنَّهُ للمنَايا والرَّدَى غَرَضٌ … تظلُّ فيه بناتُ الدَّهْر تَنْتَضِلُ (١)

تُدِيرُهُ ما أدارَتْه (٢) دوائرها … منها المصيبُ ومنها المخطئُ الزَّلِلُ

والنفسُ هاربةٌ والموتُ يطلبُها … وكلُّ عَثْرَةِ رِجلٍ عندَها جَلَلُ

والمرءُ يسعى بما يسعى لوارِثِهِ … والقبرُ وارثُ ما يَسْعَى له الرجل (٣)

وقال ابن دُريد عن الرِّياشي، عن محمد بن سلام، قال: رأتْ جاريةٌ للمنصور ثوبَهُ مرقوعًا، فقالتْ: خليفةٌ وقميصُهُ مَرْقوع! فقال: ويحك! أمَا سمعتِ ما قاله ابنُ هَرْمَة:

قد يُدرِكُ الشرفَ الفتى ورداؤه … خَلَقٌ وبعضُ قميصِهِ مَرْقوعُ

ومن (٤) شعرِهِ لَمَّا عزَمَ على قتلِ أبي مسلم:

إذا كنتَ ذا رأيٍ فكُنْ ذا عَزِيْمَةٍ … فإنَّ فسادَ الرأيِ أنْ يترَدَّدا

ولا تُمْهِلِ الأعداءَ يومًا لِغَدْرَةٍ … وبادِرْهُمُ أنْ يَمْلِكوا مثلَها غَدا (٥)


(١) في (ب، ق): تنتقل، وفي (ح): تنتفل، والمثبت من المدهش لابن الجوزي ص (١٩٤).
(٢) في (ق): "تديره ما تجور به دوائرها"، وهو خطأ، وفي (ب): "أردته"، وفي (ح): "أرادته"، والمثبت من تاريخ بغداد والمدهش.
(٣) الأبيات بتمامها في تاريخ بغداد (١٢/ ١٦٦)، والمنتظم لابن الجوزي (٨/ ٥٨، ٥٩)، وفي المدهش ص (١٩٤) ما عدا البيت السادس.
(٤) في نسخة (ق) كرَّر الناسخ الخبر الذي مضى في الصفحة السابقة الذي يبتدئ بقوله: "ودخل بعض الزهاد". وليس هذا التكرار في (ب، ح).
(٥) البيت الأول في جمهرة الأمثال (٢/ ٥٠)، وهما في الحلة السيراء (١/ ٣٤)، والمنتظم (٨/ ١٠)، وتاريخ الخلفاء ص (٢٦٨)، وبعده في المستطرف (١/ ١٦٧) منسوبًا إلى علي :
وإن كنت ذا عزمٍ فأنفِذْهُ عاجلًا … فإنَّ فسادَ العَزْمِ أن يتقيَّدا.
وروايتهم "بقدرة" بدل "بغدرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>