للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال: أعرَبْنا في كلامِنا فلم نَلْحنْ، ولَحَنَّا في أعمالنا فلم نُعْرِبْ.

وقال: كُنَّا إذا رأينا الشابَّ يتكلَّمُ في المجلس أيسْنا من خيرِه.

وقال: جانبوا الناس، ولا تنقطعوا عن جُمعةٍ ولا جَماعة.

وقال الحافظ أبو بكر الخطيب: أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسين (١) بن محمد بن رامين (٢) الإستراباذي، قال: أنبأ عبدُ اللَّه بن محمد الشيرازي، أنبأ القاضي أحمد بن محمود بن خَرَّزاد الأهوازي، حدّثني علي بن محمد القصري، حدّثني أحمد بن محمد الحلبي، سمعتُ سَريًا السَّقَطيَّ يقول: سمعتُ بشرَ بن الحارث الحافي يقول: قال إبراهيمُ بن أدهم: وقفتُ على راهبٍ، فأشرف عليُّ فقلت له: عِظْني. فأنشأ يقول:

خُذْ عن الناس جانبا … كي يظنُّوك راهبا

إنَّ دَهْرًا أظلَّني … قد أراني العجائبا

قَلِّبِ الناس كيف شِئْـ … ـتَ تَجِدْهُمُ عَقَارِبا

قال بشر: فقلت لإبراهيم: هذه موعظة الراهب لك، فعِظْنِي أنت. فأنشأ يقول:

تَوَحَّشْ من الإخوانِ لا تَبْغِ مُؤنسًا … ولا تتخِذْ خِلًّا ولا تَبْغِ صاحبا

وكُنْ سامِرِيَّ الفعلِ من نسلِ آدمٍ … وكُنْ أوحَدِيًّا ما قَدَرْتَ مُجانِبا

فقد فسد الإخوانُ والحُبُّ والإخَا … فلستَ ترى إلَّا مَذُوقًا (٣) وكاذِبا

فقلتُ ولولا أنْ يُقالَ مُدَهْدَة (٤) … وتُنْكر حالاتي لقد صِرْتُ راهبا

قال سَرِيّ: فقلتُ لِبشر: هذه موعظةُ إبراهيمَ لك، فعِظْني أنت. فقال: عليك بالخُمول، ولُزومِ بيتِك. فقلت: بلَغَني عن الحسن أنه قال: لولا الليلُ وملاقاةُ الإخوان ما بالَيْتُ متى مِتّ.

فأنشأ بشرٌ يقول:


(١) في الأصول وتاريخ ابن عساكر: "أبو محمد الحسن بن الحسن"، والمثبت من تاريخ بغداد (٧/ ٣٠٠) في ترجمته، ومواضع كثيرة منه، ومن مؤلفات الخطيب البغدادي، إذ هو شيخ أبي بكر الخطيب.
(٢) في (ق): "زامين" بالزاي، والمثبت من (ح) والمصادر المذكورة في الحاشية السابقة.
(٣) كذا في الأصول، والوجه أن يقول: "مِذَاقًا"، جاء في لسان العرب (مذق): الْمُمَاذقةُ في الوُدّ: ضدُّ المُخالصَة. ومَذَق الوُدَّ لم يُخلِصْهُ. ورجل مَذَّاق: كذُوب. ورجلٌ مَذِق، ومَذَّاق ومُماذِق: بَيِّنُ الْمِذَاق. مَلُول. وفي الصحاحِ غيرُ مُخْلص، وهو الْمِذاق.
(٤) "دَهْدَهَ الشيءَ فَتَدَهْدهَ": حَدَرهُ من عُلوٍ إلى سُفْل تَدَحْرُجًا. ودَهْدَهَهُ: قَلَبَ بعضَهُ على بعض، فهو مُدَهْدَه. لسان العرب (دهده).

<<  <  ج: ص:  >  >>