للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للَّهِ دَرُّ الشَيْب من واعِظٍ … وناصِحٍ لو حَذِرَ (١) الناصحُ

يأبَى الفتى إلَّا اتباعَ الهوَى … ومَنْهَجُ الحَقِّ لَهُ واضِحُ

فاسْمُ بعَيْنَيْكَ إلى نِسْوَةٍ … مُهورُهُنَّ العمَلُ الصَّالِحُ

لا يَجْتَلي الحوراءَ في خِدْرِها … إلَّا امرؤٌ ميزانُهُ راجِحُ

مَنِ اتَّقَى اللَّه فذاك الذي … سِيقَ إليه المَتْجرُ الرابحُ

فاغْدُ فما في الدِّين أُغْلوطةٌ … ورُحْ لما أنتَ لَهُ رائحُ (٢)

وقد استنشَدَهُ أبو هَفَّان قصيدَتَهُ التي في أوَّلِها: "لا تنس ليلى ولا تطرب إلى هند" (٣). فلما فرَغَ منها سجَد له أبو هَفَّان، فقال له أبو نُوَاس: واللَّهِ لا أُكَلِّمُكَ مُدَّة. قال: فغَمَّني ذلك، فلما أردتُ الانصراف قال: متى أراك؟ فقلت: ألم تُقسِمْ؟ فقال: الدهرُ أقصرُ من أنْ يكونَ معه هَجْر.

ومن مُستجادِ شعرِه قولُه:

ألا رُبَّ وَجْه في التُّرابِ عَتِيقِ … ويا رُبَّ حُسْنٍ في التُّرابِ رَقيقِ

ويا رُبَّ حَزْمٍ في التُّرابِ ونَجْدَةٍ … ويا رُبَّ رأي في التُّرابِ وَثيقِ

فقُلْ لِقَريبِ الدارِ إنك ظاعِنٌ … إلى سَفَرٍ نائي المَحلِّ سَحِيقِ

أرى كل حَيٍّ هالكًا وابنَ هالكٍ … وذا نَسَبٍ في الهالكينَ عَريقِ

إذا امتَحَنَ الدنيا لَبيبٌ تكشَّفَتْ … له عن عدوٍّ في لباسِ صَدِيقِ (٤)

وقوله:

لا تشرَهَنَّ فإنَّ الذُّلَّ في الشَّرَهِ … والعِزُّ في الحِلْمِ لا في الطَّيْشِ والسَّفَهِ

وقلْ لِمُغْتَبِط في التِّيهِ من حُمُقٍ … لو كنتَ تعلَمُ ما في التِّيهِ لم تَتِهِ

التِّيهُ مَفْسَدةٌ للدِّينِ مَنْقَصَةٌ … للعقلِ مَهْلَكةٌ للعِرْضِ فانتَبِهِ (٥)

وجلس أبو العتاهية القاسم بن إسماعيل على دُكَّانِ ورَّاق، فكتب على ظهر دفترٍ هذه الأبيات:

أيا عجبًا كيف يُعْصَى الإلـ … ـهُ أمْ كيف يَجْحَدُهُ الجاحِدُ


(١) في (ق): "خطئ"، وفي الديوان: "سمع"، والمثبت من (ب، ح).
(٢) الأبيات في ديوان أبي نواس ص (١٧٥).
(٣) كذا في (ب، ح)، وفي (ق): "لا تنس ليلى ولا تنظر إلى هند". والقصيدة في ديوان أبي نواس، ومطلعها:
لا تَبْكِ ليلى ولا تطرَبْ إلى هندِ … واشرَبْ على الوَرْدِ من حَمْرَاءَ كالوَرْدِ
(٤) الأبيات في ديوان أبي نواس ص (٤٦٥).
(٥) لم أجد الأبيات في ديوان أبي نواس المطبوع.

<<  <  ج: ص:  >  >>