للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي كلِّ شيءٍ لَهُ آيةٌ … تَدُلُّ على أنَّهُ واحِدُ

وللَّهِ في كلِّ تَسْكِينةٍ … وتَحْرِيكةٍ أبدًا له شاهدُ (١)

ثم جاء أبو نُواس فقرأها، فقال: أحسَنَ قاتَلَهُ اللَّه، واللَّه لوَدِدْتُ أنَّها لي بجميع شيءٍ قلتُه؛ لِمَنْ هذه؟ قيل له: لأبي العثاهية. فأخذ الدفترَ فكتَبَ في جانبِها:

سبحانَ منْ خَلَقَ الخَلْـ … ـقَ مِنْ ضَعيفٍ مَهين

يَسوقُهُ من قَرَارٍ … إلى قرارٍ مَكِينِ

يَحُورُ شيئًا فشيئًا … في الحُجْبِ دون العيونِ

حتى بَدَتْ حَرَكاتٌ … مَخْلوقَةٌ من سُكُونِ (٢)

ومن شعرِهِ المستجاد قولُه:

انقضَتْ شِرَّتي فعِفْتُ الملاهي … إذْ رَمَى الشَّيبُ مَفْرِقي بالدَّوَاهي

ونَهَتْني النُّهَى فمِلْتُ إلى العَدْ … لِ وأشْفَقْتُ من مَقالةِ ناهي

أيها الغافِلُ المُقِرُّ على السَّهْـ … ـــو لا عُذْرَ في المعادِ لِسَاهي

لا بأعمالِنا نُطيقُ خلاصًا … يومَ تَبْدو السماءُ فوقَ الجِبَاهِ

غيرَ أنَّا على الإساءةِ والتَّفْـ … ـريطِ نرجو من حُسْنِ عَفْوِ الإلهِ (٣)

وقوله:

نموتُ ونَبْلَى غيرَ أنَّ ذنوبَنا … إذا نحن مِتنا لا تموتُ ولا تَبْلَى

ألا رُبَّ ذي عينَيْنِ لا تنفعانِهِ … وما تنفَعُ العينانِ مَنْ قلبه أعمَى (٤)

وقوله:

لو أنَّ عينًا أوْهَمَتْها نفسُها … يومَ الحسابِ ممثَّلًا لم تَطْرِفِ

سبحانَ ذي الملَكُوتِ أيَّةُ ليلةٍ … مخضَتْ صبيحتها بيومِ المَوْقِفِ

كتب الفناءَ على البريَّةِ ربُّها … فالناسُ بين مقَدَّمٍ ومُخلَّفِ (٥)

وذُكر أنَّ أبا نُواس لَمَّا أراد الإحرامَ بالحجِّ قال:


(١) الأبيات في ديوان أبي العتاهية ص (١٢٢)، وهي في ديوان لبيد بن ربيعة ص (٢٣١).
(٢) الأبيات في ديوان أبي نواس ص (٦٦٦).
(٣) الأبيات في ديوان أبي نواس ص (٦٨٨).
(٤) لم أجد البيتين في ديوان أبي نواس المطبوع، وهي في تاريخ ابن عساكر (١٣/ ٤٥٤).
(٥) لم أجد الأبيات في ديوان أبي نواس، والبيتان الأول والثاني في ديوان أبي العتاهية ص (٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>