للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صارت نارًا (١) لها ألسنة في الجو متصاعدة [واحترق من كإن فيها] (٢)، فصرخ المسلمون صرخة واحدة بالتهليل والتكبير، واحترق في كل برج سبعون (٣) كفورًا من مقاتلتهم، وكان يومًا على الكافرين عسيرًا، وذلك يوم الإثنين الثامن (٤) والعشرين من ربيع الأول من هذه السنة، وكان (٥) الفرنج قد تعبوا في عملها (٦) سبعة أشهر، فاحترقت في يوم واحد ﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا﴾ [الفرقان: ٢٣] وعرض السلطان على ذلك (٧) الشاب النَّحَّاس العطية السنية، فامتنع من قبولها، وقال: إِنما عملت هذا ابتغاء وجه اللّه [ورجاء ما عنده سبحانه] (٨) فلا أريد منكُم جزاءً ولا شكورًا.

وأقبل الأسطول المصري وفيه المِيرة الكثيرة لأهل البلد، فعبَّأ الفرنج أسطولهم ليحاربوا (٩) أسطول المسلمين، [فنهض السلطان بجيشه ليشغلهم عن قتال الأسطول] (١٠)، وقاتلهم أهل البلد أيضًا واقتتل الأسطولان في البحر، وكان يومًا مشهودًا عظيمًا (١١)، وحربًا في البر والبحر، فظفرت الفرنج بشيني (١٢) واحد من الأسطول الذي للمسلمين، وسلم اللّه الباقي، فوصل إِلى البلد بما فيه من الميرة، [التي قد اشتدت حاجتهم إِلى عشرها، وحمدوا اللّه تعالى على يسرها بعد عسرها] (١٣).

وأما ملك الألمان المتقدم ذِكره فإِنه أقبل في عدد كثير وجم غفير (١٤)، قريب من ثلاثمئة ألف مقاتل، ومن نيته خراب البلد وقتل أهلها من المسلمين، والانتصار لبيت المقدس، [حين أُخذ من أيديهم فما زال يمر بإِقليم] (١٥) بعد إِقليم، فما نال من ذلك شيئًا بعون اللّه وقوته، بل أهلكهم اللّه ﷿ في كل


(١) ط: فاحترقت الأبرجة الثلاثة حتى صارت نارًا بإِذن الله، ب: لها ألسنة في الجو.
(٢) ليس في ب.
(٣) ط: منها سبعون كفورًا، ب: في كل برج من مقاتلتهم.
(٤) ط: الثاني والخبر في الروضتين (٢/ ١٥٣).
(٥) أ، ب: وكانت.
(٦) أ: فيها، ب: عليها.
(٧) ط: ثم أمر السلطان لذلك الشاب النحاس بعطية سنية وأموال كثيرة فامتنع أن يقبل شيئًا من ذلك وقال إِنما عملت ذلك.
(٨) عن ط وحدها.
(٩) ط: فعبّي الفرنج أسطولهم ليحاربوا.
(١٠) ط: نهض .. ليشغلهم عنهم.
(١١) ط: وكان يومًا عسيرًا. ب: وكان يومًا عظيمًا.
(١٢) ط: بشبيني، وهو تصحيف، والخبر في الروضتين (٢/ ١٥٤).
(١٣) ط: وحمدت الله على يسرها. وط: وكانت حاجتهم قد اشتدت إِليها جدًا بل إِلى بعضها.
(١٤) ط: في عدد وعدد كثير جدًا.
(١٥) ط: وأن يأخذ البلاد إِقليمًا بعد إِقليم حتى مكة والمدينة فما نال.

<<  <  ج: ص:  >  >>