للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأقبلوا بقَضّهم وقضيضهم وحدهم وحديدهم، فالتقاهم (١) الملك العادل أبو بكر بمرج عكا فكسرهم وغنمهم، وفتح يافا عنوة ولله الحمد والمنة. وقد كانوا كتبوا إِلى ملك الألمان يستنهضونه لفتح بيت المقدس، فقدر الله هلاكه سريعًا، والحمد لله كثيرًا.

وأخذت الفرنج في هذه السنة بيروت من يد نائبها عز الدين سامة (٢) من غير قتال ولا نزال، ولهذا قال بعض الشعراء في الأمير سامة: [من الخفيف] (٣)

سَلِّمِ الحِصْنَ ما عَلَيْكَ مَلامَهْ … ما يُلامُ الَّذي يريد السَّلامَهْ

فَعَطَاءُ (٤) الحُصونِ من غَيْرِ حَرْبٍ … سُنَّةٌ سَنَّها بِبَيْروتَ سامَهْ

ومات فيها ملك الفرنج كندهري، سقط من شاهق فمات، فبقيت الفرنج كالغنم بلا راعٍ، حتى ملكوا عليهم صاحب قبرس وزوّجوه بالملكة امرأة كندهري، وجرت خطوب كثيرة بينهم وبين العادل [أبي بكر بن أيوب] (٥). ففي كلها يستظهر عليهم ويكسرهم، ويقتل خلقًا من مقاتلتهم، ولله الحمد، ولم يزالوا كذلك معه حتى طلبوا الصلح والمهادنة، فعاقدهم على ذلك في السنة الآتية كما سيأتي.

[سيف الإسلام طغتكين بن أيوب أخو السلطان صلاح الدين] (٦):

فيها (٧): توفي ملك اليمن سيف الإسلام طُغْتِكين بن أيوب [أخو السلطان صلاح الدين] (٨) بزَبيد وكان قد جمع أموالًا جزيلة جدًا، وكان يسبك الذهب مثل الطواحين ويدَّخره كذلك، وقام في الملك بعده ولده إِسماعيل، وكان أهوج قليل التدبير، فحمله جهله على أن ادّعى أنه قرشي أموي، وتلقب بالهادي، فكتب إِليه عمه العادل ينهاه عن ذلك، ويهجن رأيه ويتهدده بسبب ذلك، فلم يقبل منه ولا التفت إِليه، بل تمادى في ذلك وأساء التدبير إِلى الأمراء والرعية، فقتل وتولى بعده مملوك من مماليك أبيه.


(١) ط: فأقبلوا بحدهم وحديدهم فتلقاهم.
(٢) في ط: "شامة" بالشين المعجمة، وهو تصحيف، وما أثبتناه من ب والروضتين وغيرهما، وقد تكلمنا عليه قبل قليل (بشار).
(٣) البيتان في الروضتين (٢/ ٢٣٣).
(٤) ط: أفتعطي.
(٥) عن ب وحدها.
(٦) ترجمته في ابن الأثير (٩/ ٢٣٨ - ٢٣٩) والروضتين (٢/ ٢٣٣) وذيلها (١١) ووفيات الأعيان (٢/ ٥٢٣ - ٥٢٥) وتلخيص مجمع الآداب في معجم الألقاب (١/ ٤١٦) وأبو الفداء (٣/ ٩٣) والعبر (٤/ ٢٨١) ومرآة الجنان (٣/ ٤٧٥ - ٤٧٦).
(٧) ليس في ب.
(٨) ب: الملك الناصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>