للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تكلم الجويني على ملك ذريته (١) إِلى زمان هولاكو خان، وهو يقول في اسمه بادشاه زاده هولاكو، وذكر ما وقع في زمانه من الأوابد والأمور المعروفة المزعجة كما بسطناه في الحوادث والله أعلم.

السلطان الملك المعظم (٢) عيسى بن العادل أبي بكر بن أيوب، ملك دمشق والشام.

وكانت وفاته يوم الجمعة سلخ ذي القعدة من هذه السنة، وكان استقلاله بملك دمشق لما توفي أبوه سنة خمس عشرة، وكان شجاعًا [عاقلًا] باسلًا عالمًا فاضلًا.

اشتغل في الفقه على مذهب أبي حنيفة على الحَصِيري (٣) مدرس النورية، وفي اللغة والنحو على التاج الكندي (٤)، وكان محفوظه "مفصل" الزمخشري، وكان يجيز (٥) من حفظه بثلاثين دينارًا وكان قد أمر أن يُجمع له كتابٌ في اللغة يشمل (٦) "صحاح الجوهري" و"الجمهرة" لابن دريد و"التهذيب" للأزهري وغير ذلك، وأمر أن يُرتَّب له "مسند" الإمام أحمد.

وكان يحب العلماء ويكرمهم، ويجتهد في متابعة الخير ويقول: أنا على عقيدة الطحاوي، وأوصى (٧) عند وفاته أن لا يكفَّن إِلا في البياض، وأن يُلْحَدَ له ويُدفن في الصحراء ولا يُبنى عليه، وكان يقول: واقعة دمياط ادّخرها عند الله تعالى وأرجو أن يرحمني بها - يعني أنه أبلى بها بلاءً حسنًا - رحمه الله تعالى، وقد جمع له بين الشجاعة [والسماحة] والبراعة والعلم ومحبة أهله.

وكان يجيء في كل جمعة إِلى تربة والده فيجلس قليلًا ثم إِذا ذكر المؤذنون ينطلق إِلى تربة عمه صلاح الدين فيصلّي فيها الجمعة، وكان قليل التعاظم، يركب في بعض الأحيان وحده، ثم يلحقه بعض غلمانه سوقًا. وقال فيه بعض أصحابه وهو محب الدين بن أبي السعود البغدادي (٨): [من الطويل]

لئن غُودِرَتْ تلكَ المحاسنُ في الثَّرى … بَوَالٍ فما وجدي عليكَ ببالِ


(١) أ، ب: على ملكه وذريته.
(٢) ترجمة - الملك المعظم في الكامل في التاريخ (٩/ ٣٧٤) ومرآة الزمان (٨/ ٤٢٤ - ٤٣٠) وتكملة المنذري (٣/ ٢١٢) وذيل الروضتين (١٥٢) ومختصر ابن العبري (٢٤٣ - ٢٤٤) ومختصر أبي الفداء (٣/ ١٤٥) وتاريخ الإسلام (١٣/ ٧٧٧) والعبر (٥/ ١٠٠) والجواهر المضية (١/ ٤٠٢) والنجوم الزاهرة (٦/ ٢٦٧ - ٢٦٨) وحسن المحاضرة (١/ ٢١٩) وشذرات الذهب (٧/ ٢٠١ - ٢٠٣) وترويح القلوب (٤٢).
(٣) سترد ترجمة الحصيري في وفيات سنة ٦٣٥ هـ.
(٤) تقدمت ترجمة الكندي في وفيات سنة ٦١٣ هـ.
(٥) أ، ب: نعيل.
(٦) ب: يشتمل.
(٧) أ، ب: وأمر.
(٨) البيتان في ذيل الروضتين (١٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>