للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمُّه الأشرف واقتصر على الكرك ونابلس، ثم تنقلت (١) به الأحوال وجرت له خطوب طوال حتى لم يبق معه شيء من المحال، وأودع وديعة تقارب مئة ألف دينار عند الخليفة المستنصر (٢) فأنكره إياها ولم يردّها عليه، وقد كان له فصاحة وشعرٌ جيد، ولديه فضائل جمَّةٌ، واشتغل في علم الكلام على الشمس الخسروشاهي (٣) تلميذ الفخر الرازي (٤)، وكان يعرف علم الأوائل جيدًا وقد حكوا عنه (٥) أشياء تدلّ إن صَحَّتْ على سوء عقيدته فالله أعلم. وذكر أنه حضر أولَ درس ذكر بالمستنصرية في سنة ثنتين وثلاثين وستمئة، وأن الشعراء أنشدوا المستنصر مدائح كثيرة، فقال بعضهم في جملة قصيدة له (٦): [من الكامل]

لو كنتَ في يوم السقيفةِ شاهدًا … كنتَ المقدَّمَ والإمامَ الأعظما

فقال الناصر داود للشاعر: اسكت فقد أخطأت، قد كان جدُّ أمير المؤمنين العباس شاهدًا يومئذ، ولم يكن المُقَدَّم، وما الإمام الأعظم إلا أبو بكر الصديق ، فقال الخليفة: صدقت فكان (٧) هذا من أحسن ما نُقل عنه ، وقد تقاصر أمره إلى أن رسم عليه الناصر بن العزيز بقرية البويضاء (٨) لعمه مجد الدين يعقوب حتى توفي بها في هذه السنة، فاجتمع الناس بجنازته، وحمل منها فصلي عليه ودفن عند والده بسفح قاسيون.

الملك المعز (٩) عزّ الدين أيْبَك التّركماني.

أول ملوك الأتراك، كان من أكبر مماليك الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل، وكان ديّنًا صينًا عفيفًا كريمًا، مكث في الملك نحوًا من سبع سنين ثم قتلته زوجته شجر الدر أم خليل، وقام في الملك من بعده ولده نور الدين علي، ولقّب بالملك المنصور، وكان مدير مملكته مملوك أبيه سيف الدين قطز، ثم عزله


(١) أ، ب: ثم نقلت.
(٢) أ: المستعصم؛ خطأ.
(٣) تقدمت ترجمة الخسروشاهي في وفيات سنة ٦٥٢ هـ من هذا الجزء.
(٤) تقدمت ترجمة الفخر الرازي في وفيات سنة ٦٠٦ هـ من هذا الجزء.
(٥) ط: وكان يعرف علوم الأوائل جدًا وحكوا عنه.
(٦) البيت في سير أعلام النبلاء برواية: والإمام الأورعا.
(٧) أ، ب: صدق وكان.
(٨) البويضاء من قرى غوطة دمشق. وتسمى اليوم البويضة. غوطة دمشق لمحمد كرد علي.
(٩) ترجمة - الملك المعز عز الدين أيبك - في ذيل الروضتين (١٩٦) وذيل مرآة الزمان (١/ ٥٤ - ٦٠) وتاريخ أبي الفداء (٣/ ١٩٢) والإعلام بوفيات الأعلام (٢٧٣) وتاريخ الإسلام (١٤/ ٧٧٣) وسير أعلام النبلاء (٢٣/ ١٩٨ - ٢٠٠) والعبر للذهبي (٥/ ٢٢٢) والوافي بالوفيات (٩/ ٤٦٩ - ٤٧٤) وطبقات السبكي (٨/ ٢٦٩) والنجوم الزاهرة (٧/ ٣ - ٤١) وحسن المحاضرة (٢/ ٣٨ - ٣٩) وشذرات الذهب (٧/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>