للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُخْرى، تأتي صُحْبَةَ المهديّ، وهو محمد بن عبد اللَّه العَلَوِيُّ الفاطمِيّ، الحَسَنِيّ، واللَّه أعلم، يُصلحه اللَّه في ليلة واحدة، أي يَتُوب عليه، ويُوَفقّه، ويُلهمه رُشْدَه، بعد أن لم يكن كذلكَ، ويؤيده بناسٍ من أهل المَشْرِق، ينصرونه، ويُقيمون سُلطانه ويُشيدون أركانه، وتكون راياتهم سُودًا أيضًا، وهو زيٌّ عليه الوقار، لأنّ رايةَ رسول اللَّه كانت سوداء، يُقال لها: العُقَاب، وقد ركزها (١) خالدُ بن الوليد على الثنيّة التي هي شرقيّ دِمشْق، حين أقبل من العِراق، فعُرفَتْ بها الثنيّة، فهي إلى الآن يقال لها ثَنِيّة العُقاب، وقد كانت عِقابًا على الكفار، من نَصارى الشام والرُّوم والعرب والفرس، وأطَّدت حُسْن العاقبة لعباد اللَّه المؤمنين، من المهاجرين والأنصار، ولمن كان معهم، وبعدهم، إلى يوم الدين، وللَّه الحمد. وكذلك دخل رسولُ اللَّه يوم الفتح إلى مكة، وعلى رأسه المِغْفرُ، وكان أسود، وجاءَ في حديث أنه كان مُعْتَقًا بِعِمامةٍ سوداء، فوق البيضة، صلوات اللَّه وسلامه عليه، والمقصود أن المهديّ الموعود بوجوده في آخر الزمان يكونُ أصلُ ظهوره وخروجِه من ناحية المَشْرِق، ثم يأتي مكة فَيُبايَع له عند البيت الحرام، كما دلّ على ذلك بعضُ الأحاديث، وقد أفردتُ في ذِكر المهديّ جُزءًا على حِدَة، وللَّه الحمد.

وقال ابن ماجه أيضًا: حدثنا نصرُ بن علي الجَهْضَمِيّ، حدثنا محمد بن مَرْوانَ العُقَيْلِيّ، حدثنا عُمارةُ بن أبي حَفْصة، عن زيد العَمِّيّ، عن أبي الصدِّيق الناجي، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ: أن رسول اللَّه قال: "يكون في أمتي المهديّ إن قُصِرَ فسَبْع، وإلا فَتِسْعٌ، تنعم فيه أمتي نَعمةً لم ينعموا مثلها قط، تؤتي الأرض أُكُلهَا، ولا تدَّخِرُ منهم شيئًا، والمالُ يومئذ كُدُوس (٢)، يقوم الرجل فيقول: يا مهديّ، أعطني، فيقول: خذ" (٣).

وقال الترمذيّ: حدثنا محمد بن بَشّار، حدثنا محمد بن جَعفر، حدثنا شُعبة، سمعتُ زيدًا العَمِّيّ، سمعت أبا الصدّيق الناجي يحدث عن أبي سعيد الخُدْرِيّ، قال: خَشِينا أن يكون بعدَ نَبِيّنا حدَثٌ، فسألنا نبيَّ اللَّه فقال: "إنّ في أمتي المهديّ، يخرجُ يعيش خمسًا أو سبعًا، أو تِسْعًا" زيدٌ الشاكُّ، قال: قلنا: وما ذاك، قال: سنين، قال: "فيجيء إليه الرجل فيقول: يا مهديّ أعطني، أعطني" قال: "فيَحْثِي له في ثَوْبه ما استطاع أن يحمله". هذا حديث حسن، وقد رُوي من غير وجه، عن أبي سعيد، عن النبي ، وأبو الصدّيق الناجي اسمُه بكر بن عمرو، ويقال: بكر بن قَيْس (٤) وهذا دليل على أن أكثر مُدّته تسعُ سنين، وأقلَّها خمس أو سبع، ولعلّه هو الخليفة الذي يحثو


(١) أي غرزها.
(٢) مجموع بعضه إلى بعض.
(٣) رواه ابن ماجه رقم (٤٠٨٣) وهو حديث حسن.
(٤) رواه الترمذيّ رقم (٢٢٣٢) وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>