للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قائل: يا رسول اللَّه، وما فِتْنَة الأحْلَاس؟ قال: "هي حَرَبٌ، وهَرَبٌ (١) ثم فِتْنَةُ السراء، دخنها مِنْ تحت قدمي رجل من أهل بيتي، يَزْعُمُ أنه مِنَي، وليس مِنِّي، وإنما أوليَائي المُتَّقُون، ثم يَصْطَلِحُ النَّاسُ على رجل كورِك على ضِلَع (٢) ثم فتنة الدُّهَيْمَاءَ، لا تَدَعُ أحَدًا مِنْ هذه الأمة إلا لَطَمَتْهُ، حتى إذا قيل: انْقَضَتْ، عادَتْ، يصبحُ الرَّجُلُ فيهَا مؤمنًا ويُمْسِي كافرًا، حتى يصير الناسُ إلى فُسْطَاطَيْن، فُسْطَاطِ إيمَانٍ لا نفَاق فيه، وفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لا إيمان فيه، فإذَا كَان ذَاكُمْ، فانتظروا الدجال، مِنْ يَوْمِه أوْ مِنْ غده". تفرد به أبو داود، وقد رواه أحمد في "مسنده"، عن أبي المُغيرة، بمثله (٣).

وقال أبو داود: حدثنا القعنبي، حدثنا عبد العزيز، يعني ابن أبي حازم، عن أبيه، عن عُمَارَة بن عمرو، عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص: أن رسول اللَّه قال: "كيف بكم وزمان" -أو "أوشك أن يأتيَ زمانٌ- يُغَرْبلُ فيهِ الناسُ غَرْبَلَةً، تَبْقَى حُثالةٌ مِن الناسِ، قدَ مَرِجت عُهُودُهم وأماناتهم، واختلفُوا، فكَانُوا هَكذَا" وشبك بين أصابعه، فقالوا: كيفَ بنا يا رسول اللَّه؟ قال: "تأْخُذُونَ بما تَعْرِفُونَ، وتَدَعُون ما تنكرون، تُقْبلُونَ على أمر خَاضَتِكُمْ وتَذَرونَ أمْرَ عَامّتكم" قال أبو داود: هكذا روي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، عن النبي من غير وجه. وهكذا رواه ابن ماجه، عن هشام بن عمار، ومحمد بن الصباح، عن عبد العزيز بن أبي حازم به، ورواه أحمد في "مُسنده" عن سعيد بن منصور، عن يعقوب بن عبد الرحمن، عن أبي حازم به، وقد رواه الإمام أحمد، عن حُسَين بن محمد، عن [محمد بن] مُطرَّف، عن أبي حازم، عن عمرو بن شُعَيْب، عن أبيه، عن جده. . . فذكر نحوه، أو مثلَه (٤).

ثم قال أبو داود: حدثنا هارونُ بن عبد اللَّه، حدثنا الفَضْلُ بن دُكَيْن، حدثنا يُونس، يعني ابن أبي إسحاق، عن هلال بن خَبَّاب، أبي العلاء، حدثنا عِكْرمة، حدثني عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، قال: بينما نحنُ حول رسول اللَّه إذ ذكر الفتنة، أو ذُكرت عنده، فقال: "إذا رأيتم الناس قد مَرِجت عهودُهم، وخَفَّت أمَانَاتُهُمْ، وكانوا هكذا" وشبّك بَيْن أصابعه، قال: فقمت إليه، فقلت: كيف أفعل عند ذلك جعلني اللَّه فداك؟ قال: "الزم بَيْتَكَ، وامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ، وخُذْ بما تعرفُ، ودعْ ما تُنْكرُ، وعليك بأمْرِ خَاصَّةِ نفسك، ودع عنك أمر العَامة". وهكذا رواه أحمد، عن أبي نُعيم الفضل بن دُكين به، وأخرجه النسائي في "اليوم والليلة"، عن أحمد بن


(١) الحَرَب: نهب مال الإنسان، وتركه لا شيء.
(٢) أي يصطلحون على أمر واهٍ لا نظام له.
(٣) رواه أبو داود (٤٢٤٢) وأحمد (٢/ ١٣٣) وهو حديث حسن.
(٤) رواه أبو داود رقم (٤٣٤٢) وابن ماجه رقم (٣٩٥٧) وأحمد في المسند (٢/ ٢٢١) و (٢/ ٢٢٠) وهو حديث صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>