بنَتْنِهمْ، أشَدّ من حَيَاتِهم، فيستغيثون باللَّه تعالى، فَيبْعثُ اللَّهُ رِيحًا يمانية غَبْراء، فتصيرُ على الناس غَمًّا، ودُخانًا، وتقع عليهم الزُّكْمة ويُكشَفُ ما بهم بعدَ ثلاث، وقد قُذفت جِيَفُهُم في البَحْر، ولا يَلْبَثُون إلَّا قَلِيلًا حتى تَطْلع الشمسُ مِنْ مَغْربِها، وجفَّت الأقلام، وطُويَت الصحفُ، ولا يُقْبَلُ من أَحدٍ تَوبةٌ، ويَخِرّ إبليسُ ساجِدًا يُنادي: إلهي، مُرْني أَنْ أسجُد لِمَنْ شِئْتَ، ويجتمع إليه الشياطينُ تقول: يا سَيِّدنا، إلى من تَفْزَعُ؟ فيقول: سألتُ رَبِّي أنْ يُنْظِرني إلى يَوْم البَعْثِ، وقَدْ طَلَعَت الشمسُ من مَغْربها، وهذا الوقتُ المعلومُ، وتصير الشياطينُ ظاهرةً في الأرض، حتى يقول الرجلُ: هذا قَرِيني الذي كان يُغْوِيني، فالحمد للَّه الذي أخزاه، ولا يزالُ إبليس ساجدًا باكيًا، حتى تَخْرُج الدابّة فتَقْتله وهو ساجد، ويتمتع المؤمنون بعد ذلك أربعين سنةً لا يتمَنَّوْنَ شيئًا إلا أُعْطوهُ، وبرز المؤمنون لا يموت مؤمن حتى تتم أربعون سنةً بعد الدابَّة، ثم يعود فيهم الموتُ، ويُسرع فلا يبقى مؤمن، ويقول الكافر: قد كنا مَرْعُوبينَ من المُؤْمنين، فلم يَبْقَ منهم أحد، وليس يُقْبَلُ مِنَّا تَوْبَةٌ، فيَتَهَارَجُونَ في الطُرُقِ كالبهائم، حتى يَنْكِحَ الرجلُ أمَّهُ في وَسط الطريق، يقوم واحدٌ عنها، وينزل عليها آخرُ، وأفضلُهم من يقول: لو تَنَحَّيْتُم عن الطريق كان أحْسَنَ، فيكونون على ذلك، حتى لا يولد أحدٌ من نكاح، ثم يُعْقِمُ اللَّه النساءَ ثلاثين سَنَةً، إلا الزواني والزانيات، فإنهن يحبلن ويلدن من الزنى، ويكونون كلُّهم أولادَ زِنًى، شرارَ الناس، فعليهم تقوم الساعة": كذا رواه الطبرانيّ، عن عبد الرحمن بن حاتم المراديّ، عن نُعَيم بن حَمَّاد. . . فذكره. قال شيخنا الحافظ الذهبي: وهذا الحديث شِبْهُ موضوع، وأبو عمر مجهول، وعبد الوهاب كذلك، وشيخه يقال له: البُنَانِي (١).
وقد أنبأني شيخنا الذهبي إجازةً، إنْ لم يكن سَمَاعًا، أخبرنا أبو الحسين اليُونينيّ، أخبرنا البهاء عبد الرحمن حضورًا، أنبأنا عتيق بن صيلا، أنبأنا عبد الواحد بن عُلوان، أنبأنا أبو عمرو بن دوست، حدثنا أحمد بنُ سلمان النجَّاد، حدثنا محمد بن غابى، حدثنا أبو سلمة التَّبُوذَكي، حدثنا حماد بن سَلَمة، حدثنا علي بن زيد، عن الحسن، قال: قال رسول اللَّه ﷺ: "الدجّال يتناول السحاب، ويخوض البحر إلى رُكْبَتَيْه، ويسبق الشمس إلى مغربها، وتسير معه الآكامُ طعامًا، وفي جبهته قَرْنٌ مكسور الطَّرَفِ، يخرج منه الحَيّات، وقد صوّر في جسده السلاحُ كلُّه، حتى الرمح والسيف والدرّق" قلت للحسن: يا أبا سعيد ما الدرق؟ قال: الترس. ثم قال شيخنا: هذا من مراسيل الحسن، وهي ضعيفة.
وقال ابن مَنْدَه في "كتاب الإيمان": حدثنا محمد بن الحسين المديني، حدثنا أحمد بن مهديّ،
(١) ورواه نعيم بن حماد في "الفتن" رقم (١٥٢٧) ومن طريقه الحاكم في "المستدرك" مختصرًا (٤/ ٥٢١ - ٥٢٢) وقال الذهبي كما هنا: (ذا موضوع، والسلام).