للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَيُعْطِي الحديقَةَ المُعْجِبةَ بالشارف (١) ذاتِ القَتَبِ" لفظ الحاكم.

وهكذا رواه الإمام أحمد عن يزيد بن هارون، ولم يذكر تلاوة أبي ذرّ للآية، وزاد في آخره: "فلا يقدر عليها" (٢).

وفي "مسند الإمام أحمد" من حديث بَهْز، وغيره، عن أبيه حكيم بن معاوية، عن جدّه معاوية بن حَيْدة القُشَيْرِيّ، عن رسول اللَّه أنه قال: "تُحْشَرُونَ هاهُنَا" وأومأ بِيَده إلى نَحْو الشام "مشاةً ورُكْبَانًا، وتُجَرّونَ على وجوهكم، وتُعْرَضُون على اللَّه تعالى وعلى أفواهكم الفِدَام (٣) فأوّلُ ما يُعْرِبُ عن أحدكم فَخِذهُ وكفُّه". وقد رواه الترمذي، عن أحمد بن مَنِيع، عن يزيد بن هارون، عن بَهْزِ بن حَكِيم، عن أبيه، عن جدّه بنحوه، وقال: حسن صحيح (٤).

وقال أحمد: ثنا عثمانُ بن عمرَ، ثنا عبد الحميد بن جعفر، قال: ثنا أبو جعفر محمد بن عليٍّ، عن رافع بن بِشْرٍ السَّلَميِّ، عن أبيهِ، أنَّ رسولَ اللَّهِ قال: "يُوشِكُ أَنْ تَخْرُجَ نَارٌ مِنْ حِبْسِ سَيَلٍ (٥) تَسِيرُ سَيْرَ مَطِيَّةِ الإبِلِ (٦)، تَسِيرُ النَّهارَ وتُقِيمُ اللَّيْلَ، تَغْدُو وَتَرُوحُ، يُقَالُ: غَدَتِ النَّارُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَاغْدُوا، قَالَتِ النَّارُ، يا أَيُّهَا النَّاسُ فَقِيلُوا، رَاحَتِ النَّارُ، يَا أَيُّهَا النَّاسُ فَرُوحُوا، مَنْ أَدْرَكَتْهُ أَكَلَتْهُ". تفرد به. ورواه أبو نُعَيْمٍ في ترجمةِ بِشْرٍ أبي رافعٍ السَّلَمِيِّ، وفيه: "تُضِيءُ لَهَا أَعْنَاقُ الإبِلِ بِبُصْرَى" (٧).

فهذه السياقاتُ تدلّ على أن هذا الحشر هو حشرُ الموجودين في آخر الدنيا من أقطار الأرض إلى مَحَلّة المَحْشر، وهي أرضُ الشام، وأنهم يكونون على أصناف ثلاثة، فقسمٍ طاعمين كاسين راكبين، وقسم يمشون تارةً ويركبون أخرى، وهم يَعْتَقِبُون (٨) على البعير الواحد، كما تقدّم في "الصحيحين": "اثنانِ على بعير، وثلاثةٌ على بعير" إلى أن قال: "وعَشَرةٌ على بعير، يَعْتَقِبُونَه مِن قِلّة الظَّهر" كما تقدّم في الحديث، وكما جاء مفَسَّرًا في الحديث الآخر: "وتَحْشُرُ بَقِيَّتَهُمُ النارُ". وهي التي تخرج من قَعْرِ عدَنَ، فتُحيط بالناس من ورائهم، تسوقهم من كلّ جانب، إلى أرض المحشر، ومن تخلّف منهم أَكَلَتْهُ النار.


(١) أي الناقة المسنة.
(٢) رواه الحاكم في "المستدرك" (٢/ ٣٦٧) وأحمد في المسند (٥/ ١٦٤ - ١٦٥) وهو حديث صحيح بطرقه وشواهده.
(٣) أي تسكت ألسنتهم، وتنطق أعضاؤهم.
(٤) رواه أحمد في المسند (٥/ ٣) والترمذي رقم (٢٤٢٤) وهو حديث حسن.
(٥) في الأصل: حبشي سيل، وهو خطأ. وحِبْس سيل، اسم موضع.
(٦) في مسند أحمد: تسير سَيْرَ بطيئة الإبل.
(٧) رواه أحمد في المسند (٣/ ٤٤٣) وهو حديث حسن.
(٨) أي يركبونه بالتعاقب، هذا يعقب هذا، وهذا يعقب هذا، أي بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>