للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طويل قال فيه: "فيَلْقَى اللَّهُ العبدَ فيقول: أيْ فُلُ (١) ألم أُكرمْكَ، وأُسَوِّدْكَ، وأُزَوِّجْكَ، وأُسَخِّرْ لَكَ الْخَيْلَ، والإبل، وأذَرْكَ تَرْأَسُ وَترْبَع؟ فيقول: بلى، أيْ رَبّ، فيقول: أَفَظَنَنْتَ أنَك مُلاقيَّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإنِّي أنساكَ، كما نسيتني، ثم يَلْقَى الثانيَ، فيقول: أيْ فُلُ ألَمْ أُكْرمْكَ، وأُزَوَّجْكَ، وأسَوِّدْكَ، وأسَخَرْ لكَ الْخَيْلَ، والإبلَ، وأذَرْكَ تَرْأس وَتَرْبع؟ فيقول: بلى، أيْ رَبّ، فيقول: أفظننتَ أنّك مُلاقيَّ؟ فيقول: لا، فيقول: فإنِّي أنْساكَ، كما نَسِيتنيَ، ثم يَلْقَى الثالثَ، فيقول له مثلَ ذلك، فيقول: [يا ربّ] آمنتُ بكَ، وبِكتابِك، وبرسولك، وصلَّيْتُ، وصُمْتُ، وَتَصدَّقْتُ، ويُثْنِي بخيْرٍ ما استطاع، فيقول: فهاهُنا إذًا" قال: "ثُمَّ يُقال: الآن نَبْعثُ عليك شاهدًا، فيذكر في نفسه: من الذي يشهد عليّ؟ فيُخْتمُ على فيهِ، ويقال لِفَخذِه ولَحْمهِ وعِظامه: انطقي، فتنطِق فَخِذُه، ولحمه، وعظامه، بعَمَلِه كائنأ ما كان، ذلك لِيُعْذِرَ مِنْ نَفْسِه، وذلك المُنافِقُ، وذلك [الذي] يَسْخَطُ اللَّهُ عَلَيْهِ. ثم ينادي منادٍ: تتبع كُلُّ أمَّة ما كانتْ تَعْبُدُ" (٢) وسيأتي الحديث بطوله.

وقد روى البزَّار عن عبد اللَّه بن محمد الزّهريّ، عن مالك بن سُعَيْرِ بن الخِمْس، عن الأعمش، عن أبي صالح، عنِ أبي هريرة، وأبي سعيد، رفعاه إلى رسول اللَّه . . .، فذكرا مثله إلى قوله: "فاليومَ أنساكَ كما نسيتني".

وروى مسلم، والبيهقيّ واللفظ له، من حديث سُفْيان الثوريّ، عن عُبَيْدٍ المُكْتِب، عن فُضَيْل بن عمرو، عن عامر الشعبيّ، عن أنس بن مالك، قال: كُنّا مع رسول اللَّه ، فضَحِكَ، وقال: "هل تدرون مِمَّ أضْحَك؟ " قال: قلنا: اللَّه ورسوله أعلم، قال: "من مُخَاطبَة العبد ربه" -يعني يوم القيامة- "يقول: يا ربّ، ألم تُجِرْني من الظلم، قال: يقول: بلى" قال: "فيقول: فإني لا أُجيزُ على نَفْسي إلَّا شاهدًا منِّي" قال: "فيقول: كَفَى بِنَفْسِكَ اليوْمَ عليك حَسيبًا، وبالكِرامِ الكاتبين شُهودًا" قال: "فيُختمُ على فِيه، ويُقال لأرْكانِه: انطقي" قال: "فتنطق بأعماله، ثم يُخلَّى بينَه وبين الكلام" قال: "فيقول: بُعْدًا لَكُنَّ، وسُحْقًا، فعَنْكُنَّ كُنْتُ أُناضِلُ" (٣).

وقال أبو يَعْلى: حدَّثنا زُهير، حدَّثنا الحسن، حدَّثنا ابن لَهيعَة، عن دَرَّاج، عن أبي الهَيْثَم، عن أبي سعيد، عن رسول اللَّه قال: "إذا كان يومُ القيامة عُرِّف الكافرُ بعَملِه، فجَحَد، وخاصم، فيقال: هَؤلاء جِيرانُك يَشْهَدُون عَليك، فيقول: كَذَبُوا، فيقول: أهْلُكَ وعشيرتُكَ، فيقول: كَذَبُوا، فيقول: احلِفُوا، فيحلفون، ثم يُصْمِتهُم اللَّهُ وتَشْهَدُ ألسِنتُهم، ويُدخلهم النَّارَ" (٤).


(١) أي فلان.
(٢) رواه مسلم رقم (٢٩٦٨).
(٣) رواه مسلم رقم (٢٩٦٩) ورواه البيهقي في "الأسماء والصفات" (٤٦٧).
(٤) رواه أبو يعلى في مسنده رقم (١٣٩٢) وإسناده ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>