للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِرَحْمةِ اللهِ، ومنْهُمْ منْ يَدْخُلُ الْجَنة بِشَفاعتي، وما أزَالُ أشْفَعُ حتى أُعْطَى صِكاكًا بِرجَالي قَدْ بُعِثَ بِهمْ إلى النّارِ، حتّى إنَّ مَالِكًا خَازنَ النار ليَقُولُ: يا مُحمَّدُ، ما تَرَكْتَ لِغَضَبِ رَبِّكَ لأُمَّتِكَ منْ نِقْمةٍ" (١).

وحدّثنا إسماعيلُ بنُ عُبَيْدِ بنِ عُمَر (٢) بن أبي كريمة، حدّثني محمد بنُ سَلَمة (٣)، عن أبي عبد الرحيم، حدّثني زيدُ بنُ أبي أُنَيسة، عن المِنْهالِ بنِ عَمْرٍو، عن عبدِ اللهِ بن الْحَارِث، عن أبي هريرة، قال: يُحْشرُ النَّاسُ عُراةً، فَيَجْتمعونَ شَاخِصةً أبْصَارُهُمْ إلى السَّماءِ، يَنْتظرُونَ فَصْلَ القَضاءَ، قِيامًا أرْبَعينَ سَنة، فَيَنْزلُ اللهُ ﷿ منَ الْعَرشِ إلى الكُرْسي، فيكونُ أوَّلَ منْ يُدْعى إبراهيمُ الْخَليلُ ، فيُكْسَى قُبْطيَّتَيْنِ من الْجنَّةِ، ثم يقول: ادعوا ليَ النبيَّ الأمِّيَّ محمَّدًا، قال: "فأقُومُ، فَأُكْسى حُلّةً من ثِيَاب الجنة "قال: "وَيُفَجَّرُ لِيَ الْحَوْضُ، وَعَرْضُهُ كمَا بَيْنَ أيْلَة إلى الكَعْبةِ" قال: "فَأشْرَبُ، وَأغتَسِلُ، وَقدْ تَقطَّعَتْ أعْناقُ الخَلائقِ منَ العَطَشِ، ثمَّ أقومُ عنْ يَمين الكُرْسيِّ، لَيْسَ أحَدٌ يومئذٍ قَائمًا ذَلِكَ المَقَامَ غَيْري، ثمَّ يُقالُ: سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَعْ" قال: فقال رَجُلٌ: أتَرْجُو لِوَالِدَيْكَ شَيْئًا يا رسولَ اللهِ؟ قال: "إنِّي لَشافِعٌ لَهُما أُعْطيتُ أوْ مُنِعْتُ، وما أرْجُو لَهُما شَيْئًا".

ثئمَ قال المِنْهالُ: حدّثني عبدُ الله بن الحارث أيضًا: أنَّ نَبيَّ الله قال: "أمُرُّ بِقَوْمٍ منْ أُمَّتي قَدْ أُمِرَ بِهمْ إلى النَّارِ، فَيَقُولونَ: يا محمَّد، نَنْشُدُك الشفاعة" قال: "فآمرُ الملائكةَ أنْ يَقِفُوا بِهمْ "قال: "فَأنْطلقُ فأسْتاذنُ على الرَّبِّ ﷿، فيؤذن لي فَأسْجدُ وأقولُ: يا رَبِّ قَوْمٌ منْ أمَّتي قَدْ أمَرْتَ بهمْ إلى النّارِ" قال: "فيقول: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ منْهُمْ" قال: "فأنْطَلِقُ، فَأخْرِج منْهُمْ منْ شَاءَ اللهُ أنْ أُخْرجَ، ثمَّ يُنادي البَاقُونَ: يا محمد، نَنْشُدُكَ الشَّفَاعةَ، فأرْجعُ إلى الرَبِّ ﷿، فَأسْتأذنُ، فَيُؤذنُ لي، فأسْجُدُ، فَيُقالُ لي: ارْفَعْ رَأْسَكَ، وسَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ" قال: "فأقُوم فَاُثْني على اللهِ ثَنَاءً لم يُثن عَلَيْهِ أحدٌ مثله، ثم أقولُ: يا رب قوم من أُمَّتي قَدْ أُمِرَ بهمْ الى النَّارِ، فيقول: انْطَلِقْ، فَأخْرِجْ منْهُمْ" قال: "فأقولُ: يا رَبِّ أخْرجُ منْهُمْ منْ قال: لا إله إلا اللهُ، ومَنْ كانَ في قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ منْ إيمانٍ؟ " قال: "فيَقُولُ: يا مُحمَّدُ، لَيْستْ تِلْكَ لَكَ، تِلْكَ لي" قال: "فأنْطَلقُ فَأُخْرجُ منْ شَاءَ اللهُ أنْ أُخرج" قال: "وَيَبْقى قَوْمٌ فيَدْخُلونَ النَّارَ، فَيُعَيِّرُهُمْ أهْلُ النَّارِ فيَقُولُونَ: أنْتُمْ كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ اللهَ، ولا تُشْرِكُونَ بِهِ شيئًا، فما الذي أدْخَلَكُم النَّارَ قالَ: "فَيَحرجونَ ويحزنون من ذَلِك قال: "فَيَبْعثُ اللهُ مَلكًا بكَفٍّ منْ مَاء فَيَنْضحُ بها في النَّارِ التي فيها الموحدون، فلا يبقى أحد من أهل لا إله إلا الله، إلا وقعت في وجهه منها قطرة، قال: فيُعرفون بها، ويغبطهمِ أهلُ النَّارِ، ثم يَخْرُجُونَ فَيَدخُلونَ الْجنَّةَ، فيُقالُ لهمْ: انْطلقُوا، فَتَضيَّفوا النَّاسَ، فلوْ أنَّ جَميعَهُمْ نزَلوا بِرَجُلٍ واحدٍ كانَ لَهُمْ


(١) وأخرجه ابن أبي الدنيا في "حسن الظن بالله" (٦١) وإسناده ضعيف.
(٢) في الأصول: عمير، والتصحيح من كتب الرجال.
(٣) في الأصول: محمد بن مسلمة، والتصحيح من كتب الرجال.

<<  <  ج: ص:  >  >>