للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولكنْ بهذاكَ اليَفاعِ فأَوقِدي … بجزلٍ إذا أوقدتِ لا بضِرامِ (١)

قال: ثم كشفَ الستورَ وقدَّمَ الطعامَ ودعا الناسَ، فأكل وأكلوا. فقالت: ما أتممْتَ لي ما قلت.

فأجابها: فإني لا تطاوعني نفسي، ونفسي أكرمُ عليَّ مِن أن يثني علي هذا، وقد سبق لي السخاء. ثم أنشأ يقول: [من الطويل]

أُمارسُ نفسَ البخلِ حتّى أعزّها … وأتركُ نفسَ الجودِ ما أستشيرها

ولا تشتكيني جارتي غيرَ أنها … إذا غابَ عنها بعلُها لا أزورُها

سيبلُغها خَيري ويرجع بعلُها … إليها، ولم تقصُر عليها سُتُورها (٢)

ومن شعر حاتم: [من الوافر]

إذا ما بتّ أشْربُ فوقَ زِقِّي … لِسُكْرٍ في الشرابِ فلا رَوِيْتُ (٣)

إذا ما بِتُّ أختِلُ عِرْسَ جاري … ليخفيني الظلامُ فلا خفيتُ

أأفضحُ جارتي وأخونُ جاري … فلا واللهِ أفعلُ ما حَييتُ (٤)

ومن شعره أيضًا: [من الكامل]

ما ضَرَّ جارًا لي أُجاورُه … أن لا يكونَ لِبابِهِ سِتْرُ

أُغضي إذا ما جارتي بَرَزت … حَتّى يُواريَ جارتي الخِدْرُ (٥)

ومن شعر حاتم أيضًا: [من الوافر]

وما مِنْ شِيمتي شَتْمُ ابنِ عَمّي … وما أنا مُخْلِفٌ مَن يَرْتجيني

وكلْمة حاسدٍ من غَيْر جرْمٍ … سَمعتُ وقلتُ: مُرِّي فانقِذيني

وعابوها عليّ، فلم تَعِبْني … ولم يعرَقْ لها يومًا جبيني

وذي وجهين يلقاني طليقًا … وليس إذا تغيَّب يأتسيني

ظفرتُ بعيبه فكفَفْتُ عنه … محافظةً على حَسَبي وديني (٦)


(١) البيتان في ديوانه (١٦٤)، (تحقيق د. عادل جمال - مكتبة الخانجي - القاهرة ١٤١١ هـ ١٩٩٠). وفيه اختلاف في بعض الألفاظ.
واليفاع: المرتفع من الأرض. والجزل: الغليظ من الحطب اليابس. والضرام: دقيق الحطب.
(٢) ديوانه (٢٣٢) وما بعدها، من قصيدة، والخبر في تاريخ ابن عساكر من طريق الدارقطني (١١/ ٣٦٦).
(٣) في ط: فوق ري.
(٤) ديوانه (٢١٠).
(٥) ديوانه (٢٩٦).
(٦) ديوانه (١٥٢).