للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخَلْقَ فجعلَني في خيرِ خَلْقِه، وجعلهم فرقتَيْن (١) فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خيرِ قبيلة، وجعلهم بيوتًا، فجعلني في خيرهم بيتًا، فأنا خيرُكم بيتًا وخيركم نَفْسًا" (٢).

صلوات الله وسلامه عليه دائمًا أبدًا إلى يوم الدين.

وقال يعقوبُ بن سفيان (٣): حدَّثنا عبيد الله بن موسى، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث بن نوفل، عن العباس بن عبد المطلب قال: قلت: يا رسول الله، إنَّ قريشًا إذا التقَوْا، لَقِيَ بعضُهم بعضًا بالبشاشة، وإذا لَقُونا لَقُونا بوجوهٍ لا نعرفها. فغضب رسولُ الله عند ذلك غضَبًا شديدًا ثم قال: "والذي نفسُ محمدٍ بيده لا يدخلُ قلبَ رجلٍ الإيمانُ حتى يُحِبَّكم لله ولرسوله" فقلت: يا رسول الله، إنَّ قريشًا جلسوا فتذاكروا أحسابهم فجعلوا مَثَلك كَمَثَلِ نخلةٍ في كَبْوَةٍ من الأرض (٤). فقال رسول الله : "إنَّ الله يوم خَلَقَ الخَلْق جعلني في خيرهم، ثم لما فرَّقهم جعلني في خيرِ [الفريقين، ثم حين جعل القبائل جعلني في خير] هم قبيلة، ثم حين جعل البيوت جعلني في خير بيوتهم، فأنا خَيْرُهم نفسًا وخيرُهم بيتًا".

ورواه أبو بكر بن أبي شيبة (٥) عن ابن فُضيل، عن يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، عن [عبد المطلب بن] ربيعة بن الحارث قال: بلغ النبي ، فذكره بنحو ما تقدَّم ولم يذكر العباس.

وقال يعقوب بن سفيان (٦): حدّثني يحيى بن عبد الحميد، حدّثنا قيس بن عبد الله (٧)، عن الأعمش عن عَبَايَة بن رِبْعيّ، عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "إنَّ الله قسم الخَلْق قسمين، فجعلني في خيرهما قسمًا، فذلك قوله: ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ … وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾ [الواقعة: ٢٧ و ٤١]، فأنا من أصحاب اليمين، وأنا خيرُ أصحاب اليمين، ثم جعل القسمين أثلاثًا، فجعلني في خيرها ثُلثًا، فذلك قوله:


(١) في (ح) فريقين: والمثبت من ط والمسند.
(٢) وأخرجه الترمذي (٣٥٣٢ و ٣٦٠٨): عن محمود بن غيلان عن أبي أحمد الزبيري عن سفيان، وقال: هذا حديث حسن. قلنا: يزيد بن أبي زياد ضعيف وكان يضطرب فيه وكذلك اقتصر الترمذي على تحسينه.
(٣) في المعرفة والتاريخ (١/ ٢٩٥، ٤٩٧) وما يأتي بين معقوفين منه.
(٤) قال شمر: قوله في كبوة. لم نسمع فيها من علمائنا شيئًا، ولكنا سمعنا الكِبَا والكُبَة، وهو الكناسة والتراب الذي يكنس من البيت: وقال ابن الأثير: فإن صحت الرواية بها فوجهه أن تطلق الكَبْوَة، وهي المرة الواحدة من الكَسْح، على الكساحة والكناسة. اللسان (كبو).
(٥) مصنف ابن أبي شيبة (١١٦٨٥) كتاب الفضائل باب ما أعطى الله تعالى محمدًا ، وما يأتي بين معقوفين منه.
وأخرجه أيضًا الترمذي (٣٦١١) المناقب باب ما جاء في فضل النبي بنحوه عن يوسف بن موسى القطان البغدادي عن عبيد الله بن موسى. وقال: هذا حديث حسن. أقول: وفي إسناده ضعف.
(٦) في المعرفة والتاريخ (١/ ٤٩٨).
(٧) كذا في ح، ط: ولم أجد لقيس هذا رواية عن الأعمش، واكتفى الفسوي بذكر اسمه، وذكر المحقق في الحاشية أنه قيس بن الربيع، وهو الصواب الذي نص عليه المزي في ترجمة يحيى بن عبد الحميد الحماني من تهذيب الكمال (٣١/ ٤٢٠).