للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سلَف، ثم لينفُضا حرّان والرُّهاء. وسرّحْ الوليد بن عُقْبة على عرب الجزيرة من ربيعة وتَنُوخ وسرِّح عياضًا، فإنْ كان قتال فقد جعلت أمرهم جميعًا إلى عياض بن غنْم - وكان عياض من أهل العراق الذين خرجوا مع خالد بن الوليد ممدّين لأهل الشأم، وممّن انصرف أيامَ انصرف أهل العراق ممدّين لأهل القادسيّة، وكان يُرافد أبا عبيدة - فمضى القعقاع في أربعة آلاف من يومهم الذي أتاهم فيه الكتاب نحو حِمْص؛ وخرج عياض بن غَنْم وأمراء الجزيرة فأخذوا طريق الجزيرة على الفِراض وغير الفِراض؛ وتوَجّه كلّ أمير إلى الكُورة التي أمِّر عليها. فأتى الرّقة، وخرج عمر من المدينة مغيثًا لأبي عبيدة يريد حِمْص حتى نزل الجابية. ولما بلغ أهل الجزيرة الذين أعانوا الرّوم على أهل حمص واستثاروهم وهم معهم مقيمون عن حديث من بالجزيرة منهم بأنّ الجنود قد ضربت من الكوفة، ولم يدروا: الجزيرة يريدون أم حمص! فتفرّقوا إلى بلدانهم وإخوانهم، وخلَّوا الرّوم، ورأى أبو عبيدة أمرًا لما انفضوا غير الأوّل، فاستشار خالدًا في الخروج، فأمره بالخروج، ففتح الله عليهم. وقدم القعقاع بن عمرو في أهل الكوفة في ثلاث من يوم الوقعة، وقدم عمر فنزل الجابية، فكتبوا إلى عمر بالفتح وبقدوم المَدد عليهم في ثلاث، وبالحُكْم في ذلك. فكتب إليهم أن أشركوهم، وقال: جزى الله أهلَ الكوفة خيرًا! يكفون حوْزتهم ويُمِدّون أهل الأمصار (١). (٤: ٥٠/ ٥١ / ٥٢).


(١) ذكر الطبري هذه القصة الطويلة بلا إسناد وقد تحدثنا بالتفصيل عن فتح حمص في أحداث سنة (١٥ هـ) وأنها فتحت على يد أبي عبيدة عامر بن الجراح مع من تحت إمرته من القادة فراجعها هناك (٣: ٥٩٩/ ١٥٩).
أما هذه الوقعة الثانية فهي قصة محاصرة الروم ومن تحالف معهم من نصارى العرب لأبي عبيدة وجيشه بعد فتح حمص بمدة (سنة ١٦ أو ١٧ هـ على الأغلب) فلما أن جاء المدد من العراق وغيره انفضّ نصارى العرب ثم خرج المسلمون بقيادة أبي عبيدة من حمص (التي تحصنوا فيها) وهزموا الروم بإذن الله، ولهذه القصة أصل صحيح فلقد أخرج ابن أبي شيبة في مصنفه (١٣ / ح ١٥٦٨٧) حدثنا وكيع ثنا هشام بن سعيد عن زيد بن أسلم عن أبيه لما أتى أبو عبيدة الشام حُصِرَ هو وأصحابه وأصابهم جهد شديد فكتب إليه عمر: سلام عليكم، أما بعد فإنه لم تكن شدة إلَّا جعل الله بعدها فرجًا ولن يغلب عسر يسرين، وكتب إليه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} قال: وكتب إليه أبو عبيدة: سلام عليكم أما بعد فإن الله قال: {أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَينَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي =

<<  <  ج: ص:  >  >>