للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[خلافة ابن الواثق المهتدي بالله]

وفي يوم الأربعاء لليلة بقيت من رَجب من هذه السنة، بويع محمد بن الواثق؛ فسُمِّي بالمهتدي بالله؛ وكان يكنى أبا عبد الله؛ وأمه روميّة؛ وكانت تسمى قُرْب (١).

وذكر عن بعض من كان شاهدًا أمرهم، أنّ محمد بن الواثق لم يقْبَل بيعةَ أحد؛ حتى أتيَ بالمعتز فخلع نفسه؛ وأخبَر عن عجزه عن القيام بما أسْنِد إليه، ورغبته في تسليمها إلى محمد بن الواثق؛ وأن المعتزّ مدّ يده فبايع الواثق؛ فسمَّوْه بالمهتدي، ثم تنحّى وبايع خاصّة الموالي.

وكانت نسخة الرقعة بخلع المعتزّ نفسه:

بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما أشهد عليه الشهود المسمَّوْن في هذا الكتاب؛ شهدوا أنّ أبا عبد الله بن أمير المؤمنين المتوكل على الله أقرّ عندهم، وأشهدهم على نفسه في صحّةٍ من عقله، وجوازٍ من أمره؛ طائعًا غير مكره، أنه نظر فيما كان تقلّده من أمر الخلافة والقيام بأمور المسلمين؛ فرأى أنه لا يصلحُ لذلك، ولا يكمُل له؛ وأنه عاجز عن القيام بما يجب عليه منها، ضعيف عن ذلك؛ فأخرج نفسَه، وتبرّأ منها، وخلعها من رَقَبته، وخلع نفسه منها، وَبَرأ كلّ من كانت له في عنقه بَيْعة من جميع أوليائه وسائر الناس مما كان له في رقابهم من البيْعة والعهود والمواثيق والأيمان بالطّلاق والعتاق والصَّدَقة والحجّ وسائر الأيمان، وحلَّلهم من جميع ذلك وجعلَهم في سَعَة منه في الدنيا والآخرة، بعد أن تبين له أنّ الصلاح له وللمسلمين في خروجه عن الخلافة والتبرؤ منها، وأشهد على نفسه بجميع ما سمى، ووصف في هذا الكتاب جميع الشهود


(١) انظر المنتظم (١٢/ ١٨) وتأريخ بغداد (٣/ ٣٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>