كان فيما مضى القتال قِتالا ... فهُوَ اليومَ يا عليُّ تِجارَهْ
وقال أيضًا:
بارِيَّة قَيَّرْتَ ظَاهِرَها ... محمَّد فيها وَمَنصُورُ
العِزُّ والأَمنُ أَحادِيثهم ... وَقَوْلُهمُ قد أخِذَ السُّورُ
وأَيُّ نفعٍ لكَ في سورهمْ ... وأَنتَ مَقتولٌ وَمَأْسُور؟
قد قُتِلَتْ فُرْسَانكُمْ عَنوَةً ... وَهُدِمَتْ من دُورِكُمْ دُورُ
هاتوا لكمْ من قائدٍ وَاحدٍ ... مهذَّبٍ في وَجهه نُورُ
يا أَيُّها السَّائل عَنْ شأْننا ... محمَّد في القَصْرِ مَحْصورُ
* * *
[[ذكر خبر وقعة باب الشماسية]]
وفيها أيضًا كانت وقعة بباب الشماسية، أسر فيها هرثمة.
ذكر الخبر عن سبب ذلك وكيف كان وإلى ما آل الأمر فيه:
ذكر عن علي بن يزيد أنه قال: كان ينزل هرثمة نهر بين، وعليه حائط وخندق، وقد أعد المجانيق والعرادات، وأنزل عبيد الله بن الوضاح الشماسية، وكان يخرج أحيانًا، فيقف بباب خراسان مشفقًا من أهل العسكر، كارهًا للحرب، فيدعو الناس إلى ما هو عليه فيشتمه، ويستخف به، فيقف ساعة ثم ينصرف. وكان حاتم بن الصقر من قواد محمد؛ وكان قد واعد أصحابه الغزاة والعيارين أن يوافوا عبيد الله بن الوضاح ليلًا، فمضوا إلى عبيد الله مفاجأة وهو لا يعلم؛ فأوقعوا به وقعة أزالوه عن موضعه، وولى منهزمًا، فأصابوا له خيلًا وسلاحًا ومتاعًا كثيرًا، وغلب على الشماسية حاتم بن الصقر. وبلغ الخبر هرثمة، فأقبل في أصحابه لنصرته، وليرد العسكر عنه إلى موضعه؛ فوافاه أصحاب محمد، ونشب الحرب بينهم، وأسر رجل من الغزاة هرثمة ولم يعرفه، فحمل بعض أصحاب هرثمة على الرجل، فقطع يده وخلّصه، فمرّ منهزمًا، وبلغ خبره أهل عسكره، فتقوض بما فيه، وخرج أهله هاربين على وجوههم نحو حلوان، وحجز أصحاب محمد الليل عن الطلب، وما كانوا فيه من النهب والأسر. فحدثت أن عسكر هرثمة لم يتراجع أهله يومين، وقويت الغزاة بما سار في أيديهم.