الناسُ بعضُهم في أثر بعض، وجاء أبو عبد الله حتَّى نزل ذاتَ عِرْق في سبعين راكبًا، ثمّ لحقه عمير بن طارق في أربعين راكبًا، ويونس بن عمران في أربعين راكبًا، فتمّوا خمسين ومئة، فسار بهم حتَّى دخلوا المسجد الحرام، ومعهم الكافر كوبات، وهم ينادُون: يا لَثأرات الحسين! حتَّى انتهَوا إلى زمزم، وقد أعدّ ابنُ الزبير الحَطَب ليحْرقهم، وكان قد بقي من الأجل يومان، فطردوا الحَرَس، وكسروا أعواد زمزم، ودخلوا على ابن الحنفيَّة، فقالوا له: خَلّ بيننا وبين عدوّ الله ابن الزبير، فقال لهم: إني لا أستحلّ القتال في حرم الله فقال ابن الزبير: أتحسبون أني مُخَلٍّ سبيلَهم دون أن يبايع ويبايعوا! فقال أبو عبد الله الجدَليّ: إي وَرَبّ الرُّكْن والمقام، وربّ الحِلّ والحرام، لتخلّينّ سبيلَه أو لنجالدنَّك بأسيافنا جِلادًا يرتاب منه المُبطِلون فقال ابن الزبير: والله ما هؤلاء إلّا أكَلة رأس، والله لو أذنت لأصحابي ما مضتْ ساعة حتَّى تُقطَف رؤوسهم؛ فقال له قيس بن مالك: أما والله إني لأرجو إن رمت ذلك أن يُوصَل إليك قبل أن ترى فينا ما تحبّ، فكفّ ابن الحنفيَّة أصحابَه، وحذّرهم الفتنة، ثمّ قدم أبو المعتمر في مئة، وهانئ بن قيس في مئة، وظَبيان بن عُمارة في مئتين، ومعه المال حتَّى دخلوا المسجد، فكبَّروا: يا لَثأرات الحسين! فلمَّا رآهم ابن الزبير خافَهم، فخرج محمّد بن الحنفيّة ومَن معه إلى شِعب عليّ وهم يسبّون ابنَ الزبير، ويستأذِنون ابنَ الحنفيَّة فيه، فيأبى عليهم، فاجتمع مع محمَّد بن عليّ في الشعب أربعة آلاف رجل، فقسم بينهم ذلك المال (١). (٦/ ٧٥ - ٧٧).
[ذكر الخبر عن حصار بني تميم بخراسان]
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة كان حصار عبد الله بن خازم مَنْ كان بخراسان من رجال بني تميم بسبب قتل من قتل منهم ابنه محمَّدًا.
قال عليّ بن محمَّد: حدّثنا الحسن بن رُشيد الجُوزَجانيّ عن الطّفيْل بن مرداس العمّيّ، قال: لمَّا تفرّقتْ بنو تميم بخرَاسان أيامَ ابن خازم، أتى قصر فرتنَا عدّةٌ من فُرْسانهم ما بين السبعين إلى الثمانين؛ فولَّوا أمرهم عثمان بن