خليفة! هَلُمّ أيّها القوم إليّ، وعليَّ بجماعة طيِّئ! فأتوْه جميعًا، فقال عليّ: من كان رأسكم في هذه المواطن؟ قالت له طيّئ: عديّ، فقال له ابن خليفة: فسلْهم يا أمير المؤمنين! أليسوا راضين مسلّمين لعديّ الرياسة؟ ففعل، فقالوا: نعم، فقال لهم: عديّ أحقُّكم بالراية. فسلّموها له، فقال عليّ -وضجّت بنو الحِزْمِر-: إنّي أراه رأسَكم قبل اليوم، ولا أرى قومه كلهم إلا مسلّمين له غيرَكم، فاتّبع في ذلك الكثرة، فأخذها عديّ. فلما كان أزمان حُجْر بن عديّ طُلب عبد الله بن خليفة لِيُبْعَثَ به مع حُجر -وكان من أصحابه- فسيِّر إلى الجبلين؛ وكان عديّ قد منَّاه أن يردّه، وأن يطلب فيه، فطال عليه ذلك، فقال:
وتَنْسَونَني يَوْمَ الشَّريعَةِ والقنَا ... بصِفِّينَ في أكتفِهمْ قد تَكَسَّرا
قال: ومكث الناس حتى إذا دنا انسلاخ المحرَّم أمر عليّ مَرْثَد بن الحارث الجُشَميّ فنادى أهل الشام عند غروب الشمس: ألَا إنّ أمير المؤمنين يقول لكم: إنّي قد استدمتكم لتراجعوا الحقّ وتُنيبوا إليه، واحتججت عليكم بكتاب الله عزّ وجلّ، فدعوْتكم إليه، فلم تَنَاهَوْا عن طغيان، ولم تجيبوا إلى حقّ، وإنّي قد نبذت إليكم على سواء، إنّ الله لا يحبّ الخائنين. ففزع أهل الشام إلى أمرائهم ورؤسائهم، وخرج معاوية وعمرو بن العاص في الناس يكتّبان الكتائب ويعبّيان