للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالحَدَث السياسي، ولم يولِ أمور الإِدارة والقضاء والاقتصاد، والاجتماع أيَّ عناية (١).

وهذا الأمر يشترك فيه الطبري مع بقية المؤرِّخين، لأنَّ التاريخ كان مركَّزًا على الحكَّام والأمراء، ولم يلتفت إلى الجوانب الحضارية والإِدارية والاقتصادية، إلى أن تطور علم التاريخ، واتجه إلى بقية عناصر الحياة، وبلغ أوجه في عهد ابن خلدون وكتبه.

٦ - كان مفهوم التاريخ عند الطبري متأثرًا بالنزعة الدينية أكثر من تأثره بالنظرة التجاربية، فأحداث التاريخ تعبير عن المشيئة الإِلهية، والتاريخ مستودع خبرات عليا للأمة، دون اهتمام بقيمة التجارب التي مرت بها، ورسالتها التاريخية الواحدة.

وهذه الملاحظة تُعتبر مزيَّة لتاريخ الطبري المحدِّث والمفسر والمجتهد والعالم والحافظ للقرآن، والإِمام لمذهب فقهي عملي في الحياة، وأن الطبري المحدِّث عبَّر عن وجهة النظر الدينية الإِسلامية عامة، ووجهة نظر المحدِّثين في كتابة التاريخ بفكرة تكامل الرسالات السماوية في التاريخ، وأنه تعبير عن المشيئة الإِلهية، فكان تاريخه قرينًا ومكمِّلًا لتفسيره، فالتفسير لتوضيح إرادة الله في كلامه، والتاريخ يوضح إرادة الله في مسيرة البشرية (٢).

خامسًا: المآخذ على منهج الطبري:

تعرض علماء التاريخ لبيان المآخذ على منهج الطبري في تاريخه وقدَّموا عدة ملاحظات عليه (٣)، نذكر أهمها:

١ - ضمور النقد عند الطبري: وذلك أنه اكتفى بسرد الروايات، وبيَّن في مقدمته أنه يرمي العهدة على الرواة، ووقف خارج الأحداث، وملتزمًا بالرواية، ولم يعدِّل الرواة، ولم يُجرِّحهم، مع أن الطبري من علماء الحديث، ويمكنه


(١) ظهر الإسلام ٢/ ٢٠٤.
(٢) انظر: ظهر الإسلام ٢/ ٢٠٦.
(٣) التاريخ العربي والمؤرخون ص ٢٥٩، الطبري للحوفي ص ٢٠٤، ظهر الإسلام ٢/ ٢٠٤ وما بعدها، تاريخ الطبري، المقدمة ١/ ٢٥ طبعة دار المعارف.

<<  <  ج: ص:  >  >>