[لقاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بوفد الأنصار من الخزرج]
قال: فلمّا أراد الله عزّ وجلَّ إظهارَ دينه وإعزاز نبيِّه، وإنجازَ موعده له، خرج رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - في الموسم الذي لقِيَ فيه النفر من الأنصار، فعرَضَ نفسَه على قبائل العرب؛ كما كان يصنع في كلّ موسم؛ فبينا هو عند العَقَبة إذ لقيَ رهطًا من الخزرج أراد الله بهم خيرًا.
٦٠ - قال ابن حُمَيد: قال سلمة: قال محمّد بن إسحاق: فحدَّثني عاصم بن عمر بن قَتادة، عن أشياخ من قومه، قالوا: لما لقيَهم رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -، قال لهم: مَنْ أنتم؟ قالوا: نفرٌ من الخزرج، قال: أمِنْ موالي يهودَ؟ قالوا: نعم، قال: أفلا تجلسون حتى أكلّمكم؟ قالوا: بلَى، قال: فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله عزّ وجلَّ، وعَرَض عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن. قال: وكان ممّا صَنع الله لهم به في الإسلام: أن يهودَ كانوا معهم ببلادهم، وكانوا أهلَ كتاب وعِلْم، وكانوا أهلَ شرك، أصحابَ أوثان، وكانوا قد عزُّوهم (١) ببلادهم، فكانوا إذا كان بينهم شيء قالوا لهم: إن نبيًّا الآن مبعوثٌ قد أظلّ زمانه، نتَّبعه ونقتلكم معه قَتْلَ عاد وإرَم. فلما كلَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولئك النَّفر، ودعاهم إلى الله، قال بعضهم لبعض: تعلمُنَّ والله إنَّه للنبيّ الذي تُوعِدكم به يهود، فلا يَسْبقُنّكُم إليه فأجابوه فيما دعاهم إليه، بأن صدَّقوه، وقبِلوا منه ما عرض عليهم من الإسلام، وقالوا له: إنا قد تركْنا قومنا، ولا قوم بينَهم من العداوة والشرّ ما بينهم؛ وعسى الله أن يجمَعَهُم بك، وسنقدَم عليهم فندعوهم إلى أمرك، ونعرضُ عليهم الذي أجبْناك إليه من هذا الدين؛ فإنْ يجمعهم الله عليه فلا رجلَ أعزّ منك. ثم انصرفوا عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - جعين إلى بلادهم، وقد آمنوا وصدَّقوا.
وهم -فيما ذُكر لي- ستَّة نَفَر من الخزرج: منهم من بني النّجار -وهم تَيم الله- ثم من بني مالك بن النّجار بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر أسعَدُ بن زرارة بن عُدَس بن عبيد بن ثعلبة بن غَنْم بن مالك بن النّجار؛ وهو أبو أمامة؛ وعَوْف بن الحارث بن رفاعة بن سَوَاد بن مالك بن غَنْم بن مالك بن النَّجار؛ وهو ابن عفراء.
ومن بني زُرَيق بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غَضْب بن جُشَم