خيار أصحابه خمسة آلاف رجل وثلاثين شَذاة، وتقدّم إلى رشيق في ترتيب هذه الشَّذَا على فُوّهة نهر الأمير، وأن يجعل على كلّ خمس عشرة شَذَاة منها نوبة يلج فيها نهرَ الأمير، حتى ينتهي إلى المعترض الذي كان الزَّنج يسلكونه إلى دُبَّا والقَنْدل والنهر المعروف بالمسيحيّ؛ فيكون هناك؛ فإن طلع عليهم من الخُبثَاء طالع أوقعوا به؛ فإذا انقضت نَوْبتهم انصرفوا وعاقبهم أصحابهم المقيمون على فُوّهة النهر ففعلوا مثلِ هذا الفعل، فعسكر رشيق في الموضع الذي أمر بترتيبه به، فانقطعت طرق الفجَرة التي كانوا يسلكونها إلى دُبَّا والقَنْدل والمسيحيّ؛ فلم يكن لهم سبيل إلى برّ ولابحر، فضاقت عليهم المذاهب، واشتدّ عليهم الحصار.
* * *
وفيها أوقع أخو شركب بالخُجُستانيّ وأخذ أمَّه.
وفيها وثب ابن شَبَث بن الحسن، فأخذ عمر بن سيما والي حلوان.
وفيها انصرف أحمد بن أبي الأصبغ من عند عمرو بن الليث، وكان عمرو قد وجّهه إلى أحمد بن عبد العزيز بن أبي دلف، فقدم معه بمال، فوجّه عمرو ممّا صودر عليه ثلاثمئة ألف دينار ونيّفًا، وهدية فيها خمسون منًّا مسكًا وخمسون منًّا عنبرًا، ومئتا منٍّ عودًا، وثلاثمئة ثوب وشي وغيره، وآنية ذهب وفضة ودواب وغلمان بقيمة مئتي ألف دينار؛ فكان ما حمل وأهدى بقيمة خمسمئة ألف دينار.
وفيها ولّى كَيْغَلغ الخليل بن ريمال حُلوان، فنالهم بالمكاره بسبب عمر بن سيما وأخذهم بجريرة ابن شبَث، فضمِنوا له خلاص ابن سيما وإصلاح أمر ابن شَبَث.
* * *
[[ذكر خبر إيقاع رشيق بمن أعان الزنج من تميم]]
وفيها أوقع رشيق غلام أبي العباس بن الموفق بقوم من بني تميم، كانوا أعانوا الزّنج على دخول البصرة وإحراقها، وكان السبب في ذلك أنه كان انتهى إليه أنّ قومًا من هؤلاء الأعراب قد جلبوا ميرةً من البرّ إلى مدينة الخبيث؛ طعامًا