وأما عائشة فإنها كانت أحب أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليه ولم يتزوج بكرًا غيرها, ولا يعرف في سائر النساء في هذه الأمة - بل ولا في غيرها - أعلم منها ولا أفهم، وقد غار الله لها حين قال لها أهل الإفك ما قالوا فأنزل الله براءتها من فوق سبع سموات، وقد عمرت بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قريبًا من خمسين سنة تبلغ عنه القرآن والسنة وتفتي المسلمين وتصلح بين المختلفين وهي أشرف أمهات المؤمنين حتى خديجة بنت خويلد أم البنات والبنين في قول طائفة من العلماء السابقين واللاحقين، والأحسن الوقف فيهما -رضي الله عنهما-، وما ذاك إلا لأن قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وفضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام" يحتمل أن يكون عامًا بالنسبة إلى المذكورات وغيرهن، ويحتمل أن يكون عامًا بالنسبة إلى ما عدا المذكورات ..... والله أعلم. والمقصود ها هنا ذكر ما يتعلق بمريم بنت عمران عليها السلام، فإن الله طهرها واصطفاها على نساء عالم زمانها، ويجوز أن يكون تفضيلها على النساء مطلقًا كما قدمنا.