للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التأريخ مع علم الإسناد متزامنًا مع تنوع المصادر فكان نسيج وحده رحمه الله تعالى واستحق أن يتربع على قمة التطور التأريخي في نهاية القرن الهجري الثالث.

٩ - فيما يتعلق بتأريخ الروم والفرس: حفظ الطبري لتلك الأمم جزءًا كبيرًا من تأريخهم وذلك رصيد يضاف إلى الذخيرة التأريخية لديهم فالطبري ناقل أمين نقل التأريخ الروماني والفارسي من مصادرهم بعد الترجمة ولم يغيّر منها شيئًا بحجة أنهم ليسوا جزءًا من الأمة الإسلامية بل أدى الأمانة كما وصلت إليه امتثالًا لقوله تعالى: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ} وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، وقوله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}.

بينما ترجم كثير من المستشرقين التأريخ الإسلامي إلى لغتهم وحرّفوا كثيرًا من الحقائق التأريخية وشوّهوها ولكن الله قيّض لهذه الأمة رجالًا كابن العربي والذهبي وابن حجر وابن كثير وابن خلدون والعلامة شاكر ومحب الدين الخطيب ومن جاء من بعدهم فحفظوا لنا تأريخ الأمة فجزاهم الله خيرًا.

ولقد أثنى الباحثون على تسجيل الطبري للأحداث السياسية الجسام التي حدثت لملة الروم وغيرهم قبل الإسلام:

يقول الأستاذ شاكر: إنه كان دقيقًا في تاريخ الروم دقة تدعو إلى العجب مع قلة المصادر حوله في هذا الموضوع فقد ذكر أباطرة الروم والرومان قبلهم حتى عصر هرقل وهم واحد وستون عدا من اشتركوا مع أبنائهم أو غير أبنائهم ومدة حكمهم جميعًا ستة قرون وبضع سنوات ويدهش الباحث من صحة المعلومات التي أوردها ومن دقتها وترتيبها (١).

النقد الموجّه لتأريخ الطبري:

١ - اختفاء النقد إلا في حالات نادرة جدًّا صحيح أن الطبري يورد الآراء المختلفة والروايات المتضاربة في المسألة الواحدة لكي تسهل المقارنة بينها بغية الوصول إلى حقوقه الواقعة التأريخية وصحيح أنه يشكك أحيانًا في أمور معينة فيقول: وزعم الواقدي مثلًا إلّا أنه لم يحكم على الأسانيد والمتون إلّا في حالات نارة جدًّا.


(١) التأريخ العربي والمؤرخون / ٢٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>