ذكر الخبر عن مقتل أميّة بن عبد الله بن خالد بن أسيد
قال أبو جعفر: وفي هذه السنة قَتَلَ بُكيرُ بنُ وِشاح السعديّ أميةَ بنَ عبد الله بن خالد بن أسيد:
* ذكر سبب قتله إيّاه:
وكان سبب ذلك - فيما ذكر عليّ بن محمَّد، عن المفضّل بن محمَّد - أنّ أمية بن عبد الله وهو عاملُ عبدِ الملك بنِ مروانَ على خُراسان، ولَّى بكيرًا غزوَ ما وراءِ النهر، وقد كان ولاه قبل ذلك طُخارسْتان، فتجهّز للخروج إليها، وأنفق نفقةً كثيرةً فوشى به إليه بحير بن ورقاء الصُرَيميّ على ما بيّنت قبلُ، فأمَره أميّة بالمقام.
فلما ولّاه غزوَ ما وراء النهر تجهّز وتكلف الخيل والسلاح، وادّان من رجالٍ الشُغْد وتجارِهم، فقال بحير لأميَّة: إنْ صار بينك وبينه النهر ولقي الملوك خلع الخليفة ودعا إلى نفسه، فأرسل إليه أمية: أقم لَعَلِّي أغزو فتكون معي، فغضب بكير، وقال: كأنه يُضارّني، وكان عتابُ اللِّقْوة الغُدَانيّ استدان ليخرج مع بكير، فلما أقام أخذه غرماؤه، فحبِس فأدّى عنه بُكير وخرج، ثمّ أجمع أميَّة على الغَزْو، قال: فأمر بالجهاز ليغزوَ بخارَى، ثمّ يأتي موسى بن عبد الله بن خازم بالتِّرْمِذ، فاستعدّ الناسُ وتجهّزوا، واستخلف على خُراسان ابنَه زيادًا، وسار معه بكير فعسكَر بكُشْماهَن، فأقام أيامًا، ثمّ أمر بالرحيل، فقال له بحير: إنّي لا آمن أن يتخلف الناس فقل لبُكَير: فلتكن في الساقة ولتحشر الناس، قال: فأمَره أميَّة فكان على الساقة حتى أتى النهر، فقال له أمية: اقطع يا بكير؛ فقال عتّاب اللِّقوة الغُدانيّ: أصلَحَ الله الأمير! اعبر ثمّ يَعبرُ الناسُ بعدَك، فعبَر ثمّ عبَر الناس، فقال أمية لبكير: قد خفت ألَّا يضبط ابني عمله وهو غلام حَدث، فارجع إلى مروَ فاكفِنيها فقد ولّيتُكَها فزيِّن ابني وقم بأمرِه، فانتخب بكير فُرسانًا من فُرسان خُراسان قد كان عرفهم ووَثِق بهم وعبرَ، ومضى أمية إلى بُخارَى وعلى مقدّمته أبو خالد ثابت مولى خُزاعة، فقال عتّاب اللقوة لبكير لما عبر وقد مضى أمية: إنا قتلْنا أنفسَنا وعشائرَنا حتى ضبطْنا خُراسان، ثمَّ طلبنا أميرًا من قُريش يجمع أمرنا، فجاءنا أميرٌ يَلعَب بنا يحوّلنا من سجن إلى سجن، قال: فما ترى؟