رزق أربعة أشهر؛ فانصرفوا على ذلك، وأمر ابن طاهر بإعطاء أصحاب ابن جهشيار أرزاقَهم لشهرين من يومهم فأعْطُوا.
* * *
[ذكر بدء عزم ابن طاهر على خلع المستعين والبيعة للمعتزّ]
ووجّه أبو أحمد خمس سفائن من دقيق وحنطة وشعير وقَتّ وتبن إلى ابن طاهر في هذه الأيام، فوصلت إليه، ولما كان يوم الخميس لأربع خلْون من ذي الحجّة علم الناس ماعليه ابن طاهر من خَلْعِه المستعين وبيعته للمعتزّ، ووجّه ابن طاهر قُوّاده إلى أبي أحمد حتى بايعوه للمعتزّ، فخلع على كل واحد منهم أربع خلع، وظنت العامة أن الصلح جرى بإذن الخليفة المستعين، وأن المعتزّ وليّ عهده.
* * *
[[خروج العامة ونصرة المستعين على ابن طاهر]]
ولما كان يوم الأربعاء خرج رشيد بن كاوُسَ - وكان موكَّلًا بباب السلامة - مع قائد يقال له نهشل بن صخر بن خزيمة بن خازم وعبد الله بن محمود، ووجّه إلى الأتراك بأنه على المصير إليهم ليكون معهم، فوافاه من الأتراك زُهاء ألف فارس؛ فخرج إليهم على سبيل التسليم عليهم؛ على أنّ الصلح قد وقع، فسلم عليهم، وعانق مَنْ عرف منهم، وأخذوا بلجام دابّته، ومضوْا به وبابنه في أثره؛ فلما كان يوم الإثنين صار رُشيد إلى باب الشّماسيّة فكلّم الناس، وقال: إنّ أمير المؤمنين وأبا جعفر يقرأان عليكم السلام، ويقولان لكم: مَنْ دخلَ في طاعتنا قرّبناه ووصلناه، ومن أثر غير ذلك فهو أعلم؛ فشتمه العامة، ثم طاف على جميع أبواب الشرقية بمثل ذلك، وهو يشتَم في كل باب، ويشتَم المعتزّ فلما فعل رشيد ذلك علمت العامة ما عليه ابن طاهر، فمضت إلى الجزيرة التي بحذاء دار ابن طاهر؛ فصاحوا به وشتمُوه أقبح شتم؛ ثم صاروا إلى بابه، ففعلوا مثل ذلك، فخرج إليهم راغب الخادم، فحضَّهم على ما فعلوا، وسألهم الزيادة فيما هم فيه من نصرة المستعين، ثم مضى إلى الحظيرة التي فيها الجيش، فمضى بهم وجماعة أخَر غيرهم وهم زُهاء ثلثمئة في السلاح، فصاروا إلى باب ابن طاهر،