وقيل: إن أبا مسلم كان هو الذي تقدّم أبا جعفر، فعرف الخبر قبله، فكتب إلى أبي جعفر:
بسم الله الرحمن الرحيم، عافاك الله وأمتَع بك؛ إنه أتاني أمر أفظعني وبلَغ مني مبلغًا لم يبلغه شيء قطّ، لقيَني محمد بن الحصين بكتاب من عيسى بن موسى إليك بوفاة أبي العباس أمير المؤمنين رحمه الله، فنسأل الله أن يعظم أجرَك، ويُحسن الخلافة عليك، ويبارك لك فيما أنت فيه؛ إنه ليس من أهلك أحدٌ أشدّ تعظيمًا لحقك وأصفى نصيحةً لك، وحرصًا على ما يسرّك مني.
وأنفذ الكتاب إليه، ثم مكث أبو مسلم يومه ومن الغد، ثم بعث إلى أبي جعفر بالبَيْعة؛ وإنما أراد ترهيب أبي جعفر بتأخيرها. [٧/ ٤٧٢].
* * *
[ثم دخلت سنة سبع وثلاثين ومئة ذكر الخبر عما كان في هذه السنة من الأحداث]
قال الهيثم: كان حصار عبد الله بن عليّ مقاتلًا العكيّ أربعين ليلة، فلما بلغه مسيرُ أبي مسلم إليه، وأنه لم يظفر بمقاتل، وخشي أن يهجم عليه أبو مسلم أعطى العكيّ أمانًا، فخرج إليه فيمن كان معه، وأقام معه أيامًا يسيرة، ثم وجّهه إلى عثمان بن عبد الأعليّ بن سراقة الأزديّ إلى الرّقة ومعه ابناه، وكتب إليه كتابًا دفعه إلى العكيّ، فلما قدموا على عثمان قتَل العكيّ وحبس ابنيه، فلما بلغه هزيمة عبد الله بن عليّ وأهل الشأم بنصيبين أخرجهما فضرب أعناقهما.
وكان عبد الله بن عليّ خشى ألا يناصحه أهل خراسان، فقتل منهم نحوًا من سبعة عشر ألفًا؛ أمر صاحب شُرَطه فقتلهم؛ وكتب لحميد بن قحطبة كتابًا ووجّهه إلى حلب، وعليها زُفَر بن عاصم وفي الكتاب: إذا قدم عليك حُميد بن قحطبة فاضرب عنقَه، فسار حميد حتى إذا كان ببعض الطريق فكّر في كتابه، وقال: إنّ
= وأما قول أبي جعفر عن زكية أمر يزكى لنا أو قوله عن صفية صفت لنا فلا يصح وهو من كلام الملفقة الذين لا شغل لهم إلَّا إيجاد هذه الأمور.