للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثلاثة أيام مطر شديد، ووقعت بها أربع صواعق.

وفيها زحف العباس بن أحمد بن طولون لحرب أبيه، فخرج إليه أبوه أحمد إلى الإسكندرية، فظفِرَ به وردّه إلى مصر فرجع معه إليها.

* * *

[ذكر خبر عبور الموفَّق إلى مدينة الزنج] (١)

ولأربع عشرة ليلة بقيت من ربيع الآخر منها عبر أبو أحمد الموفق إلى مدينة الفاجر، بعد أن أَوْهَى قوّته في مُقامه بمدينة الموفّقية، بالتضييق عليه والحصار، ومنعه وصول المِيَر إليه؛ حتى استأمن إليه خلق كثير من أصحابه؛ فلما أراد العبور إليها أمر - فيما ذكر - ابنه أبا العباس بالقَصْد للموضع الذي كان قصده من ركن مدينة الخبيث الذي يحوطه بابنه وجِلّة أصحابه وقوّاده، وقصد أبو أحمد موضعًا من السور فيما بين النهر المعروف بمنكى والنهر المعروف بابن سمْعان، وأمر صاعدًا وزيرَه بالقصد لفوّهة النهر المعروف بجرى كور، وتقدَّم إلى زِيرك في مكانفته، وأمر مسرورًا البلخي بالقَصْد لنهر الغربيّ، وضمّ إلى كلّ واحد منهم من الفَعَلة جماعة لهدم ما يليهم من السُّور، وتقدّم إلى جميعهم ألّا يزيدوا على هدم السور، وألا يدخلوا مدينة الخبيث. ووكّل بكلّ ناحية من النواحي التي وجه إِليها القوّاد شَذوات فيها الرّماة، وأمرهم أن يحموا بالسهام مَنْ يهدم السور من الفعَلة والرجّالة الذين يخرجون للمدافعة عنهم، فثُلم في السور ثلم كثيرة، ودخل أصحابُ أبي أحمد مدينة الفاجر من جميع تلك الثُّلَم، وجاء أصحاب الخبيث يحاربونهم، فهزمهم أصحابُ أبي أحمد، واتبعوهم حتى وغلوا في طلبهم، واختلفت بهم طرق المدينة، وفرّقت بينهم السكك والفِجاج، فانتهوْا إلى أبعد من الموضع الذي كانوا وصلوا إليه في المرّة التي قبلها، وحرّقوا وقتَلوا.


(١) هذه تفاصيل انفرد الطبري بذكرها ولم يذكر ابن الجوزي وابن كثير وغيرهما من الحفاظ كثيرًا من هذه التفاصيل لأنهم اختصروها وانظر تعليقنا على نهاية الخبر ضمن أحداث سنة (٢٧٠ هـ).

<<  <  ج: ص:  >  >>