للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبّاد؟ قالوا: لا؛ قال: فهل هاهنا عَبْس بن طلْق بن ربيعة بن عامر بن بسْطام بن الحَكم بن ظالم بن صَرِيم بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد؟ فقالوا: نعم؛ فدعاه، فانتزع مِعجرًا في رأسه، ثم جَثَا على ركبتيه، فعقده في رُمح ثم دفعه إليه، فقال: سر. قالا: فلما ولّى قال: اللهمّ لا تُخزِها اليوم، فإنك لم تخزها فيما مضى. وصاح الناس: هاجت زبراء -وزبراء أمَة للأحنف، وإنما كنوا بها عنه- قالا: فلما سار عَبْس جاء عبّاد في ستين فارسًا فسأل، ما صنع الناس؟ فقالوا: ساروا؛ قال: ومَنْ عليهم؟ قالوا: عبس بن طلق الصّريميّ؛ فقال عبّاد: أنا أسير تحت لواء عبس! فرجع والفرسان إلى أهله (١). [٥: ٥١٨ - ٥١٩].

[ذكر الخبر عن فتنة عبد الله بن خازم وبيعة سلم بن زياد]

وفيها كانت فتنة عبد الله بن خازم بخُراسان.

ذكر الخبر عن ذلك:

حدّثني عمرُ بن شبّة، قال: حدَّثنا عليّ بن محمد، قال: أخبرنا مسلمة بن محارب، قال: بعث سلم بن زياد بما أصاب من هدايا سمرقند وخُوارَزم إلى يزيدَ بن معاوية مع عبد الله بن خازم، وأقام سلم واليًا على خُراسانَ حتى مات يزيد بن معاوية ومعاوية بن يزيد، فبلغ سلمًا موته، وأتاه مقتل يزيد بن زياد في سجستان وأسرُ أبي عبيدة بن زياد، وكتم الخبر سلم، فقال ابن عَرَادة:

يا أَيُّها الملِكُ المُغَلِّقُ بابَهُ ... حدَثَتْ أُمورٌ شأْنُهُنَّ عظيمُ

قَتْلى بجُنْزةَ والذينَ بكابلٍ ... ويزيدُ أعلِنَ شأْنُهُ المكتُومُ


(١) وإسناده حسن.
ولعل القارئ العادي يمر بهذه الرواية ولا يلقي بالًا لهذا الحوار الذي دار بين الأحنف ومن حوله من الناس إلَّا أن العارف بأحوال الأحنف يتبين خطورة ذلك الموقف من خلال هذا الحوار فالأحنف وهو الفصيح الأديب الكثير الحياء وصاحب الأدب الجمَّ والخلق الكريم ما كان لينطق بهذه العبارة التي يرددها أهل السوق عندما يتشاجرون بالكلام، ولكن شدة الفتنة وعظم الهول الذي أحاط بالناس قد اضطره للتلفظ بهذه العبارة غير اللائقة.
وأما أحوال الناس في خراسان فلم يكن بأحسن من أحوالهم في العراق وفيها كانت الفتنة كذلك كما يروي لنا الطبري:

<<  <  ج: ص:  >  >>