ممنَ اجتمع من الناس على مناظرة أو جدل، وأن من فعل ذلك أحلّ بنفسه الضرب، وتقدم إلى الشرّاب والذين يسقون الماء في الجامعين ألا يترحَّموا على معاوية، ولا يذكروه بخير.
* * *
[ذكر كتاب المعتضد في شأن بني أمية](١)
وتحدَّث الناس أن الكتاب الذي أمر المعتضد بإنشائه بلعن معاوية يقرأ بعد صلاة الجمعة على المنبر، فلما صلى الناس الجمعة بادروا إلى المقصورة ليسمعوا قراءة الكتاب فلم يُقرأ.
فذُكر: أن المعتضد أمر بإخراج الكتاب الذي كان المأمون أمر لإِنْشائه بلعْن معاوية، فأخرِج له من الدّيوان، فأخِذ من جوامعه نسخة هذا الكتاب، وذكر: أنَّ نسخة الكتاب الذي أنشئ للمعتضد بالله:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله العليّ العظيم، الحليم الحكيم، العزيز الرحيم، المتفرد بالوحدانية، الباهر بقدرته، الخالق بمشيئته وحكمته؛ الذي يعلم سوابقَ الصدور، وضمائر القلوب، لا يخفى عليه خافيةٌ، ولا يَعْزُبُ عنه مثقال ذرّة في السموات العُلا، ولا في الأرضين السفلى؛ قد أحاط بكل شيء علمًا، وأحصى كلَّ شيء عددًا، وضرب لكل شيء أمدًا، وهو العليم الخبير، والحمد لله الذي برأ خلقه لعبادته، وخلق عباده لمعرفته، على سابق علمه في طاعة مطيعهم، وماضي أمره في عصيان عاصيهم؛ فبيَّن لهم ما يأتون وما يتَّقون، ونهج لهم سبل النجاة، وحذَّرهم مسالك الهَلَكة، وظاهَر عليهم الحجَّة، وقدَّم إليهم المعذرة، واختار لهم دينه الذي ارتضى لهم، وأكرمهم به، وجعل المعتصمين بحبله والمتمسكين بعُروته أولياءَه وأهلَ طاعته، والعاندين عنه والمخالفين له أعداءَه وأهلَ معصيته، ليهلك مَنْ هَلَكَ عن بينة، ويحيَا مَن حيّ عن بينِّة، وإن الله لسميع عليم، والحمد لله الذي اصطفى محمدًا رسوله من جميع بريَّته،
(١) انظر تعليقنا في نهاية هذا الخبر (١٠/ ٦٣/ ٦٩٠).