للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سفره ذلك وبعد أن رجع إلى أن رضي عنه. وأقام له العبّاس بن محمَّد النّزل، حتَّى انتهى إلى حلَب، فأتته البشرى بها بقتل المقنّع، وبعث وهو بها عبد الجبار المحتسب لجلب من بتلك الناحية من الزنادقة. ففعل، وأتاه بهم، وهو بدابِق، فقتل جماعة منهم وصلَبهم، وأُتِيَ بكتب من كتبهم فقطِّعت بالسكاكين ثم عرض بها جندَه، وأمر بالرحلة، وأشخص جماعة مَن وافاه من أهل بيته مع ابنه هارون إلى الروم، وشيّع المهديّ ابنَه هارون حتَّى قطع الدّرْب، وبلغ جيحان، وارتاد بها المدينة التي تسمى المهدية، وودّع هارون على نهر جيحان. فسار هارون حتى نزل رستاقًا من رساتيق أرض الرُّوم فيه قَلْعة، يقال لها سَمالو، فأقام عليها ثمانيًا وثلاثين ليلة، وقد نصب عليها المجانيق، حتَّى فتحها الله بعد تخريب لها، وعطش وجوع أصاب أهلها، وبعد قتل وجراحات كانت في المسلمين؛ وكان فتحها على شروط شرطوها لأنفسهم: لا يُقتَلوا ولا يُرحّلوا، ولا يُفرَق بينهم؛ فأُعطوا ذلك، فنزلوا، ووفّى لهم، وقفل هارون بالمسلمين سالمين إلَّا من كان أصيب منهم بها.

* * *

[ثم دخلت سنة أربع وستين ومائة ذكر الخبر عما كان فيها من الأحداث]

وفيها بَنَى المهديّ بعيساباذ الكبرى قصرًا من لَبِن، إلى أن أسس قصره الذي بالآجر: الذي سماه قصر السلامة؛ وكان تأسيسه إياه يوم الأربعاء في آخر ذي القعدة.

وفيها شخص المهديّ حين أسس هذا القصر إلى الكوفة حاجًّا، فأقام برُصافة الكوفة أيّامًا، ثم خرج متوجّهًا إلى الحج، حتَّى انتهى إلى العَقَبة، فغلَا عليه وعلى مَنْ معه الماء، وخاف ألّا يحمله ومَنْ معه ما بين أيديهم، وعرضتْ له مع ذلك حُمّى، فرجع من العقبة، وغضب على يقطين بسبب الماء؛ لأنَّه كان صاحبَ المصانع، واشتدّ على النَّاس العَطَش في منصرَفهم وعلى ظهرهم حتَّى أشفَوْا على الهَلكة.

وفيها تُوفِّيَ نصر بن محمَّد بن الأشعث بالسند.

<<  <  ج: ص:  >  >>