للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر أمر فحل من رواية سيف:

قال أبو جعفر: ونذكر الآن أمر فحل إذ كان في الخبر الذي فيه من الاختلاف ما ذكرت من فتوح جند الشام والأمور التي تستنكر وقوع مثل هذا الاختلاف الذي ذكرته في وقته لقرب بعض ذلك من بعض.


= الفاتح ولكن ذلك الجديد لم يفتَّ من عضدهم وصبرهم وجهادهم -إن الناقد المنصف إذا تمعّن في الروايات التأريخية هذه يضحك على الذين يجعلون من الاقتصاد وغير ذلك دافعًا لجهاد المسلمين ومحفزًا يدفعهم نحو النصر- ألا هزلت أفكار المستشرقين ومن يتطفل على موائدهم- ألا إن السر كان في قوله تعالى: {إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.

مسألة تجريد خالد رضي الله عنه من نصف ما يملك وذلك في خلافة أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه
ذكرنا الرواية (٣/ ٤٣٦ / ٢٩٨) في قسم الضعيف ولكننا ذكرنا هنا في قسم الصحيح (بعد ذكر بيسان وطبرية) ما رواه ابن عساكر عن أبي الدرداء حين عاد خالدًا في مرضه الأخير وفيه يقول خالد رضي الله عنه: [قد كنت وجدت عليه في نفسي من أمور لمّا تدبرتها في مرضي هذا عرفت: أن عمر كان يريد الله بكل ما فعل؛ كنت وجدت عليه في نفسي حيث بعث إليّ من يقاسمني مالي حتى أخذ فرد نعل وأخذت فرد نعل، فرأيته فعل ذلك بغيري من أهل السابقة ومن شهد بدرًا، وكان يغلظ على وكانت غلظته على غيري نحوًا من غلظته عليّ، وكنت أدلّ عليه بقرابة، فرأيته لا يبالي قريبًا، ولا لوم لائم في غير الله، فذاك الذي أذهب ما كنت أجد عليه] مختصر تأريخ دمشق لابن منظور (٨/ ٢٥) عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان به: وهذه الوقعة مفخرة من مفاخر التأريخ الإسلامي وخاصة الخلافة الراشدة إذ يعاقب الإمام الأعظم (الخليفة) أحد قادته ولا يبالي بالقرابة ولا بلومة لائم ويجرده من نصف ماله حتى يأخذ منه أبسط الأشياء خشية أن يكون قد حاز شيئًا ولو يسيرًا من مال المسلمين بغير حق، ولا يفرق بين قائد عسكري مرموق وبين أبسط شخص في الرعية، فأين هذه المفخرة من مخازي التأريخ الغربي قديمًا وحديثًا وذلك عندما توضع الأوسمة والنياشين وتوزع الهبات والهدايا على قادة عسكريين ظلمة بمجرد انتصارهم في معركة من المعارك. حقًّا لا وجه للمقارنة بين الثرى والثريا.
فهؤلاء الصليبيون (ورثة الوثنية اليونانية) يقاتلون في سبيل الشيطان والمال والشهرة والجاه وغير ذلك فلا يهم عندهم أن يضعوا الأموال في غير محلها. . . أما الصحابة الكرام فهم خير خلق الله بعد الأنبياء. . . خرجوا جهادًا في سبيل الله وإعلاء لكلمة الله. . .
ويا عجبًا كيف تتحول المفخرة إلى شبهة عندما تُكتب بقلم من تتلمذ على موائد الغرب وتشرّب قلبه بالحقد على التأريخ الإسلامي وكل ما هو إسلامي، والحمد لله على نعمه التي أنعمها على هذه الأمة ومنها أنها أمة الإسناد كما قال الحافظ وغيره.

<<  <  ج: ص:  >  >>