والثانية: كيده لأخيه ومحاربته فكلاهما كاد لأخيه وبدلًا مَن أن يتطاوعا ويتراحما ويلين أحدهما للآخر حرصًا على مصلحة الأمة ووحدة الجماعة ولكن اقتتلا فسفكت دماء وهدّمت بيوت وقتل خلق كثير فكانت بداية لكسر شوكة الخلافة وطمع الأعداء والمتربصين وما عدا ذلك فقد قال أبو معشر: كان أمارًا بالعدل محمود السيرة ميمون النقيبة فقيه النفس يعدّ من كبار العلماء وقال يحيى بن أكثم: كان المأمون يحلم حتى يغيظنا [تأريخ بغداد/ ١٠/ ١٨٩] [فوات الوفيات/ ٢/ ٢٣٧] قلت وقد اهتم بترجمة الكتب إلى العربية وبنى مرصدًا فلكيًّا في دمشق وكان يحب العلم والعلماء والشعراء ويكرمهم حتى أسرف في ذلك وكان على صلة طيبة بأبناء عمومته من آل علي رضي الله عنهم ولا ينسى له في التأريخ توصيته لعلي بن موسى الرضا بالخلافة من بعده دون أبناءه وإخوانه من بني العباس والله يحكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون وقال أبو حنيفة الدينوري في ترجمة المأمون [وكان شهمًا بعيد الهمة أبيّ النفس وكان نجم ولد العباس في العلم والحكمة]. وقال أيضًا: ودخل (المأمون) بلاد الجزيرة والشام فأقام بها مدة طويلة ثم غزا الروم وفتح فتوحًا كثيرة وأبلى بلاء حسنًا ثم توفي على نهر البذندون ودفن بطرسوس يوم الأربعاء لثمان خلون من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين [الأخبار الطوال/ ٤٠١]. (١) وأخرج الخطيب البغدادي في ترجمة المعتصم بالله عن محمد بن يزيد قال: استخلف أبو إسحاق محمد بن هارون في رجب سنة ثمان وعشرة ومائتين [تأريخ بغداد/ تر ا ١٤٥] وانظر الأخبار الطوال [٤٠١].