وفي هذه السنة - أعني: سنة أربع وعشرين - غزا الوليد بن عقبة أذْرَبيجان وأرمينيَة لمنع أهلها ما كانوا صالحوا عليه أهلَ الإسلام أيّام عمر في رواية أبي مِخْنف؛ وأمَّا في رواية غيره فإن ذلك كان في سنة ستّ وعشرين.
٦٧٢ - ذكر الخبر عن ذلك وما كان من أمر المسلمين وأمرهم في هذه الغزوة: ذكر هشام بن محمد: أنّ أبا مخنف حدّثه عن فروة بن لقيط الأزديّ، ثمّ الغامديّ: أنّ مغازيَ أهل الكوفة كانت الريّ، وأذْربيجان، وكان بالثغرين عشرة آلاف مقاتل من أهل الكوفة؛ ستة آلاف بأذْربيجان وأربعة آلاف بالرّيّ، وكان بالكوفة إذ ذاك أربعون ألف مقاتل؛ وكان يغزو هذين الثغرين منهم عشرة آلاف في كلّ سنة، فكان الرجل يصيبه في كلّ أربع سنين غزوة؛ فغزا الوليد بن عقبة في إمارته على الكوفة في سلطان عثمان أذْرَبيجان وأرمينية، فدعا سلمان بن ربيعة الباهليّ، فبعثه أمامه مقدّمة له، وخرج الوليد في جماعة الناس؛ وهو يريد أن يمعِنَ في أرض أرمينية، فمضى في الناس حتى دخل أْذربيجان، فبعث عبد الله بن شُبيل بن عوف الأحمسيّ في أربعة آلاف، فأغار على أهل موقان، والبَبْر، والطيْلسان، فأصاب من أموالهم وغنِم، وتحرّز القوم منه، وسبَى منهم سبيًا يسيرًا، فأقبل إلى الوليد بن عُقْبة.
ثم إن الوليد صالح أهل أذْرَبيجان على ثمانمئة ألف درهم؛ وذلك هو الصلح الذي كانوا صالحوا عليه حُذيفة بن اليمان سنة اثنتين وعشرين بعد وقعة نهاوند بسنة. ثم إنهم حبسوها عند وفاة عمر، فلما ولي عثمان وولى الوليد بن عقبة الكوفة، سار حتى وطئهم بالجيش؛ فلما رأوا ذلك، انقادوا له، وطلبوا إليه أن يتمّ لهم على ذلك الصلح، ففعل، فقبض منهم المال، وبثّ فيمن حولهم من أعداء المسلمين الغاراتِ، فلما رجع إليه عبد الله بن شُبيل الأحمسيّ من غارته تلك - وقد سلم وغنم - بعث سلمان بن ربيعة الباهليّ إلى أرمينيَة في اثني عشر ألفًا، سنة أربع وعشرين. فسار في أرض أرمينيَة فقتل، وسبى، وغنم، ثم إنه