للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على شيء، وكان الذي سَعَى بيِ عَدُوًّا، فقلت للأمير: أصلَح الله الأمير! يؤتَى بالباطل فلا تُعاقب عليه، قال: فضَرَب الذي سَعَى بي عشرين سوطًا، وأخَرَجْنَا العراقيّ، فكان يصلّي معنا ما يغيبُ يومًا واحدًا، وحَدِب عليه أهلُ دارِنا، فقالوا: نموتُ دونَك! فما بَرِح حتى عُزل الخبيث. (٦/ ٤٨٦ - ٤٨٧).

قال محمد بن عمر: وحدّثنا عبد الحكيم بن عبد الله بن أبي فَروة، قال: إنما بعَثَ الوليدُ عثمانَ بنَ حيّان إلى المدينة لإخراج من بها من العِراقييّن وتفريق أهلِ الأهواء ومن ظَهر عليهم أو علا بأمرهم؛ فلم يبعثه واليًا، فكان لا يَصعد المنبر ولا يَخطُب عليه، فلما فعل في أهلِ العراق ما فعل، وفي مَنْحور وغيره أثبتَه على المدينة، فكان يَصعد على المِنبَر. (٦/ ٤٨٧).

[ذكر الخبر عن مقتل سعيد بن جبير]

فلما جاء به إلى داره التي كان فيها سعيد وهي دارهم هذه، حدّثنا أبو كريب، قال: حدّثنا أبو بكر، قال: حدّثنا يزيدُ بن أبي زياد مولَى بني هاشم، قال: دخلتُ عليه في دار سعيد هذه، جيءَ به مقيَّدًا فدخل عليه قرّاء أهل الكوفة، قلتُ: يا أبا عبدِ الله فحدّثكم؟ قال: إي واللهِ ويَضْحَك؟ وهو يحدّثُنا، وبُنَيّة له في حِجْره، فنظرتْ نظرةً فأبصِرَت القيد فبكَتْ، فسمعتهُ يقول: أيْ بُنَيّة لا تَطيَّري، إيّاك - وشَق والله عليه - فاتبعناه نشيعه، فانتَهيْنا به إلى الجِسْر، فقال الحَرَسيان: لا نَعبُر به أبدًا حتى يعطيَنا كفيلًا، نخاف أن يُغرِق نفسه. قال: قلنا: سَعيدٌ يُغرّق نفسَه! فما عبروا حتى كفلنا به (١). (٦/ ٤٨٩).

وذكر أبو بَكر الباهليّ، قال: سمعتُ أنس بنَ أبي شيخ، يقول: لما أتِيَ الحجاجُ بسَعيد بن جُبير، قال: لعن اللهُ ابنَ النصرانية - قال: يعني خالدًا القَسْرّي، وهو الذي أرسَل به من مكة - أما كنتُ أعرف مكانَه! بلي واللهِ والبيت الذي هو فيه بمكة، ثمّ أقَبلَ عليه فقال: يا سعيد، ما أخرجك عليّ؟ فقال: أصلحَ اللهُ الأمير! إنما أنا امرؤٌ من المسلمين يُخطِئ مرّة ويُصيبُ مَرّة، قال: فطابت نفسُ الحجاج، وتَطلَّق وجهُه، ورجا أن يتخلّص من أمره؛ قال: فعاوَدَه


(١) قلنا: يزيد ضعيف، والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>