حتى وقَف على القبر، ثمّ أقبل حتى وقف على سَعِيد فقال: كيف أنتَ أيها الشيخ؟ فوالله ما تحرَّك سعيد ولا قام، فقال: بخير والحمد لله، فكيف أميرُ المؤمنين وكيفَ حالُه؟ قال الوليد: خير والحمدُ لله، فانصرَف وهو يقول لعمرَ: هذا بقيّة الناس، فقلت: أجل يا أميرَ المؤمنين.
قال: وقسّم الوليد بالمدينة رَقيقًا كثيرًا عُجْمًا بين الناس، وآنيةً من ذهب وفضّة، وأموالًا وخَطَب بالمدينة في الجُمُعة وصلى بهم. (٦/ ٤٦٥ - ٤٦٦).
قال محمد بن عمر: وحدّثني إسحاقُ بن يحيى، قال: رأيتُ الوليد يَخطب على منبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومَ الجمعة عامَ حَجَّ، قد صَفّ له جُندُه صفّين من المنبر إلى جدار مؤخر المسجد، في أيديهنم الجِرزَة وعُمُد الحديد على العواتق، فرأيته طَلَع في دُرّاعة وقَلَنسُوَة، ما عليه رداء، فصَعِد المنبرَ، فلما صَعِد سلم ثمّ جلس فأذن المؤذِّنون، ثم سكتوا، فخَطَب الخطبةَ الأولى وهو جالس، ثم قام فَخَطَب الثانية قائمًا، قال إسحاق: فلقيتُ رجاءَ بنَ حَيْوَة وهو معه، فقلتُ: هكذا يَصنَعون! قال: نَعَم، وهكذا صَنَعَ معاوية فهلمَّ جَرا، قلت: أفَلا تكلّمه؟ قال: أخبَرَني قبَيضةُ بن ذُؤَيب أنه كَلم عبدَ الملك بنَ مروان فأبَى أن يَفعل؛ وقال: هكدا خَطَب عثمان، فقلتُ: والله ما خَطَب هكذا، ما خَطَب عثمان إلا قائمًا، قال رجاء: رُوى لهم هَذَا فأخذوا به.
قال إسحاق: لم نَر منهم أحدًا أشدّ تجبّرًا منه. (٦/ ٤٦٦ - ٤٦٧).
قال محمد بن عمر: وقَدِم بِطيب مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومجمَرِه وبكسْوَة الكَعْبة فُنشِرت وعُلقتْ على حبال في المسجد من دِيباج حَسَن ولم يُرَ مثلُه قطّ، فنَشَرها يومًا وطُوي ورفع. (٦/ ٤٦٧).
[ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ذكر الأحداث التي كانت فيها]
[فتح الأندلس]
زعم الواقدي أن ملك الأندلس يقال له: أدرينوق، وكان رجلًا من أهل أصبهان، قال: وهم مُلُوك عَجَم الأندلس - فزَحَف له طارق بجَميع مَنْ معه،