يا أهلَ بغدادَ موتوا دامَ غَيظكمُ ... شوقًا إلى تمرِ بَرْنِيٍّ وَشُهْرِيزِ
نَحن الذينَ ضربناكم مجاهَرَةً ... قَسرًا وسُقناكم سَوقَ المعاجيزِ
فلم تشكروا الله نَعْماهُ التي سَلفَتْ ... ولم تحوطوا أَياديه بتَعزِيز
فاسْتَنْصِرُوا العبدَ من أَبناء دَوْلَتِكُمْ ... مِنْ يا زمانَ ومن بلجٍ ومن تُوزِ
ومن شِناسَ وأَفشِينٍ، ومن فرجٍ ... المُعَلِمينَ بديباجٍ وإِبريز
واللابِسي كيمخار الصين قد خرَطَت ... أردانَهُ دَرْزُ بَرْوَازِ الدَّخاريزِ
والحاملين الشُّكَى نِيْطت علائقها ... إلى مناطقِ خاصٍ غيرِ مَخروز
يَفرى بِبَيض من الهندي هامَهُمُ ... بنو بَهِلَّةَ في أبْنَاءَ فيروزِ
فوارسٌ خيلُها دُهْم مودَّعةٌ ... على الخراطِيم منها والفراريز
مسخَّرَات لها في الماء أَجْنِحَةٌ ... كالآبَنُوسِ إذا اسْتَحضِرْن والشِّيز
متى ترموا لنا في غَمرِ لجَّتِنا ... حِذْرًا نَصيدُكُمْ صيدَ المعافِيزِ
أَوْ اختِطَافًا وإِزهاقًا كما اختُطِفت ... طيرُ الدِّحال حثاثًا بالمناقيزِ
ليسَ الجلادُ جِلادَ الزَّطِّ فاعترفوا ... أَكلَ الثَّريدِ ولا شُربَ القَواقيز
نحنُ الذين سقينا الحرب دِرَّتَها ... ونقنقنا مقاساة الكواليز
لنَسْفَعَنَّكُم سَفعًا يَذِلُّ لَهُ ... رب السَّرِير ويُشجِي صاحبَ التِّيز
فأَبكوا على التَّمر أَبكى اللهُ أَعيُنكم ... في كلِّ أَضحَى، وفي فطرٍ ونيروزِ
[[ذكر خبر مسير الأفشين لحرب بابك]]
وفي هذه السنة عقد المعتصم للأفشين حيدر بن كاوس على الجبال، ووجَّه به لحرب بابك؛ وذلك يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادى الآخرة، فعسكر بمصلَّى بغداد، ثم صارَ إلى بَرزَنَدْ (١).
(١) لهذا الخبر ما يؤيده عند أبي حنيفة الدينوري إذ قال: فلما أفضى الأمر إلى أبي إسحاق المعتصم بالله لم تكن همته غيره فأعدّ لهُ الأموال والرجال وأخرج مولاه الأفشين حيدر بن كاوس [الأخبار الطوال/ ٤٠٣] وسنتحدث في نهاية الحديث إن شاء الله عن أصل بابك هذا وتكملة خبر الدينوري كذلك.