سَخَّى بنفسي عنكم ثلاث: قتلُكم أبي، وطعنُكم إيّاي، وانتهابُكم مَتاعي. قال: ثم إن الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر خرجوا بحَشَمهم وأثقالهم حتى أتَوا الكوفة، فلما قَدِمها الحسن وبَرَأ من جِراحته، خرج إلى مسجد الكوفة فقال: يا أهل الكوفة، اتقوا الله في جِيرانكم وضِيفانكم، وفي أهل بيتِ نبيِّكم - صلى الله عليه وسلم - الذين أذهبَ الله عنهم الرجسَ وطهّرهم تطهيرًا. فجعل الناسُ يَبكون، ثم تحمَّلوا إلى المدينة. قال: وحال أهلُ البصرة بينه وبين خَراج دارابجرد؛ وقالوا: فيئنا، فلما خرج إلى المدينة تلقّاه ناسٌ بالقادسيّة فقالوا: يا مُذِلّ العَرَب (١)! (٥: ١٦٥).
[ذكر خروج الخوارج على معاوية]
وفيها خرجت الخوارجُ التي اعتزلتْ أيام عليّ عليه السلام بشَهْرَزور على معاوية.
[ذكر خبرهم]
حدّثت عن زياد، عن عَوانة، قال: قدم معاوية قبل أن يَبرَح الحسن من الكوفة حتى نزل النُّخَيلة، فقالت الحَرُوريّة الخمسمئة التي كانت اعتزلتْ بشَهْرَزور مع فَرْوة بن نوفل الأشجعيِّ: قد جاء الآن ما لا شكّ فيه، فسيروا إلى معاوية فجاهدوه. فأقبلوا وعليهم فروة بن نوفل حتى دخلوا الكُوفة، فأرسل إليهم معاويةُ خيِلًا من خيل أهل الشام، فكَشَفوا أهلَ الشام، فقال معاوية لأهل الكوفة: لا أمان لكم والله عندي حتى تكفّوا بَوائقَكم؛ فخرج أهلُ الكوفة إلى الخوارج فقاتَلوهم، فقالت لهم الخوارج: ويْلَكم! ما تَبْغُوِن منّا! أليس معاوية عدوّنا وعدوّكم! دعُونا حتى نُقاتِله، وإن أصبْناه كنا قد كَفيناكم عدوَّكم، وإن أصابنا كنتم قد كفيتمونا، قالوا: لا والله حتى نقاتِلَكم؛ فقالوا: رحم اللهُ إخوِانَنا من أهل النّهر، هم كانوا أعلمَ بكم يا أهلَ الكوفة. وأخذتْ أشجعُ صاحبَهم فروة بن نوفل - وكان سيّد القوم - واستعملوا عليهم عبدَ اللهَ بن عَمرو بن العاص على الكُوفة، فأتاه المغيرةُ بن شُعبة وقال لمعاوية: استعملتَ عبد الله بنَ عمرو على