والفَرُّخْزاذ، وملكت - ورستم بن الفُرّخزاذ بخُراسان على فَرْجها - فأتاه الخبر عن بُوران. وقدم المثنَّى الحيرة من المدينة في عَشْرٍ، ولحقه أبو عبيد بعد شهر، فأقام المثنَّى بالحيرة خمسَ عشرَة ليلة؛ وكتب رستم إلى دهاقين السواد أن يثوروا بالمسلمين، ودسّ في كلّ رُستاق رجلًا ليثور بأهله، فبعث جابان إلى البِهْقُباذ الأسفل؛ وبعث نَرْسي إلى كَسْكر، ووعدهم يومًا؛ وبعث جندًا لمصادَمة المثنَّى؛ وبلغ المثنَّى ذلك؛ فضتم إليه مسالِحَه وحذِر، وعجل جابان، فثار، ونزل النَّمارق.
وتوالوا على الخروج؛ فخرج نَرْسي، فنزل زَنْدَوَرْد، وثار أهلُ الرساتيق من أعلَى الفُرات إلى أسفله؛ وخرج المثنَّى في جماعة حتى ينزل خَفّان؛ لئلّا يؤتى من خلفه بشيء يكرهه، وأقام حتى قدِم عليه أبو عبيدة؛ فكان أبو عبيد على النَّاس، فأقام بَخفَّان أيامًا ليستجمّ أصحابه؛ وقد اجتمع إلى جابان بشرٌ كثير، وخرج أبو عبيد بعد ما جمَّ الناسُ وظَهْرُهم، وتعبَّى، فجعل المثنَّى على الخيل، وعلى ميمنته والق بن جيدارة، وعلى ميسرته عمرو بن الهَيْثم بن الصّلْت بن حبيب السلميّ. وعلى مجنَّبتي جابان جُشنَس ماه ومَرْدانْشاه. فنزلوا على جابان بالنَّمارق، فاقتتلوا قتالًا شديدًا. فهزم الله أهلَ فارس، وأسِرَ جابان، أسره مطر بن فضّة التيميّ، وأسِرَ مَرْدانشاه، أسره أكْتَل بن شَمَّاخ العُكليّ، فأمَّا أكْتَل فإنه ضرب عنق مردانشاه، وأمَّا مطر بن فضّة فإنّ جابان خَدَعه، حتى تفلَّت منه بشيء فخلّى عنه؛ فأخذه المسلمون، فأتوا به أبا عُبيد وأخبروه أنَّه الملك، وأشاروا عليه بقتله، فقال: إنّي أخافُ الله أن أقتلَه؛ وقد آمنه رجل مسلم، والمسلمون في التوادّ والتناصر كالجسدِ؛ ما لزم بعضَهم فقد لزمهم كلَّهم. فقالوا له: إنه الملك، قال: وإن كان لا أغدر، فتركه (١). (٣: ٤٤٧/ ٤٤٨/ ٤٤٩).
السَّقاطية بكسكر
٢١٠ - كتب إليّ السريّ بن يحيى عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة ومجالد وزياد والنَّضْر بإسنادهم، قالوا: أتاه أولئك الدّهاقين المتربِّصين جميعًا بما وسع الجند، وهابوا وخافوا على أنفسهم. وأمَّا النَّضْر ومجالد فإنهما قالا: