أتذهب كلب قد حمتْها رماحُها ... وتترُكُ قَتْلى راهطٍ ما أُجنَّتِ!
لَحا الله قَيْسًا قَيْسَ عيْلانَ إنها ... أضاعَتْ ثُغُورَ المسلمين وَولَّتِ
فباهِ بقيْسٍ في الرَّخاء ولا تكنْ ... أخاها إذا ما المَشْرفِيَّةُ سُلَّتِ
قال أبو جعفر: ولما بايع حصين بن نمير مروان بن الحكم وعصا مالك بن هبيرة فيما أشار به عليه من بيعة خالد بن يزيد بن معاوية، واستقرّ لمروانَ بن الحكم المُلك، وقد كان الحصين بن نمير اشترط على مروان أن يُنزل البَلْقاءَ من كان بالشام من كندة، وأن يَجعلَها لهم مأكلةً، فأعطاه ذلك؛ وإنّ بني الحكم لما استوثق الأمرُ لمروان، وقد كانوا اشترطوا لخالد بن يزيد بن معاوية شروطًا؛ قال مروان ذات يوم وهو جالسٌ في مجلسه، ومالك بن هبيرة جالس عنده: إن قومًا يدّعون شروطًا منهم عطّارة مكحلة - يعني: مالك بن هبيرة وكان رجلًا يتطيَّب ويكتحل - فقال مالك بن هبيرة - هذا ولمّا تَرِدِي تهامة، ولما يبلغ الحزام الطُّبْييْن؛ فقال مروان: مهلًا يا أبا سليمان، إنما داعبناك؛ فقال مالك: هو ذاك، وقال عويج الطائيّ يمتدح كَلْبًا وحُميد بن بَحْدَل:
لقد علِمَ الأَقوامُ وقْع ابنِ بَحْدَلٍ ... وأُخْرَى عليهم إن بقَي سَيُعيدُها
يَقْودونَ أَولادَ الوجِيه ولاحقٍ ... من الرِّيفِ شهرًا ما يَني من يَقُودُها
فهذا لهذا ثمَّ إني لنافِضٌ ... على الناسِ أقوامًا كثيرًا حُدودُها
فلولا أمير المؤمنين لأَصْبَحت ... قُضاعةُ أَرْبابًا وقَيْس عبيدُها
وفي هذه السنة بايع جُنْد خُراسان لسلم بن زياد بعد موت يزيد بن معاوية، على أن يقوم بأمرهم حتى يجتمع الناس على خليفة. (٥: ٥٤٠ - ٥٤٤).
[ذكر الخبر عن فتنة عبد الله بن خازم وبيعة سلم بن زياد]
قال عليّ بن محمَّد: وحدّثنا شيخٌ من أهل خُراسان، قال: لم يحبّ أهلُ خُراسان أميرًا قط حُبّهم سلَم بن زياد، فسُمّي في تلك السنين التي كان بها سلْم أكثر من عشرين ألف موْلود بسَلْم، من حُبِّهم سَلْما.
قال: وأخبرَنا أبو حفص الأزديّ، عن عمه قال: لما اختلف الناس بُخراسان ونكثوا بيعة سَلْم، خرج سَلْم عن خُراسان وخلّف عليها المهلب بن أبي صُفوة، فلما كان بسَرَخْسَ لقيه سليمان بن مَرْثَد أحد بني قيس بن ثعلبة، فقال له: مَنْ