ومن الذين روى عنهم (أخبار هذه المعارك ثم المفاوضات) الواقدي وهو متروك ومتنه يخالف ما رواه الطبري نفسه وفي نفس الصفحة عن أبي عبيدة (معمر بن مثنى) ولكن بإسناد معضل وفي آخر الرواية أن بعضهم دسَّ السم لعمر بن عبد العزيز فمات بعده بقليل. وهذه الرواية بالإضافة إلى ضعف إسنادها ففي متنها نكارة فالطبري ذكر هذه الأحداث في بداية وقائع سنة (١٠٠ هـ) بينما توفي عمر بن عبد العزيز في رجب سنة (١٠١ هـ). ونعود إلى مسألة الحوار الذي دار بين عمر بن عبد العزيز والخوارج فقد ذكرها كذلك المؤرخ الثقة ابن عبد الحكم في كتابه سيرة عمر بن عبد العزيز ومعلوم أنه ذكر أسانيد مروياته في مقدمة كتابه فقال: عن أنس بن مالك والليث بن سعد وسفيان بن عيينة وعبد الله بن لهيعة وبكر بن مضر وغيرهم من أهل العلم ممن لم أسم بجميعهم في هذا الكتاب على ما سميت أو رسمت ..... إلخ [سيرة عمر بن عبد العزيز (ص ١٧)]. ثم ذكر ابن عبد الحكم في (ص ١١٠ - ١١١) عن محمد بن الزبير الحنظلي أنه كان واحدًا من الوفد الذي بعثه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز إلى شوذب الحروري (بسطام) الذي كان يقود الخوارج يومها حين خرجوا على الإمام من الجزيرة الفراتية، وكانت النتيجة أن بعث شوذب رجلين من قبله إلى عمر أحدهم شيباني فلما وصلا إلى دار الخلافة جرى بين الطرفين حوار حضره عبد الملك ابن الخليفة، وكاتبه مزاحم. وهذه مقاطع من ذلك الحوار الطويل: قال عمر: أخبراني عن أهل النهروان أليسوا من أسلافكم وممن تتولون وتشهدون لهم بالنجاة؟ قالا: بلى. قال: فهل تعلمون أن أهل الكوفة حين خرجوا إليهم كفوا أيديهم فلم يخيفوا آمنًا ولم يسفكوا دمًا ولم يأخذوا مالًا؟ قالا: قد كان ذلك. قال: فهل تعلمون أن أهل البصرة حين خرجوا إليهم مع عبد الله بن وهب الراسبي استعرضوا الناس فقتلوهم وعرضوا لعبد الله بن خباب صاحب النبي - صلى الله عليه وسلم - فقتلوه وقتلوا جاريته ..... إلخ. وفيه أيضًا: أفلستم أنتم اليوم تبرؤُون ممن يخلع الأوثان وممن يشهد أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا عبده ورسوله وتلعنونه وتقتلونه وتستحلون دمه؟ وتلقون من يأبى ذلك من سائر الأمم =